المغزى من مناسك الحج

الأحد 08 حزيران , 2025 12:31 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

 الثبات- إسلاميات

أنا لست في الحجاج يارب الورى*** لكن قلبي بالمحبة كبرا

لبيك ما نبض الفؤاد وما دعا*** داعٍ ومادمع بعين قد جرى

لبيك أعلنُها بكل تذلل ***لبيك ما امتلأت بها أمُّ القرى

يعيش المسلمون في هذه الأيام فريضة من أعظم الفرائض ألا وهي فريضة الحج التي أوجبها الله على المستطيعين منَّا رحمة بنا يقول النبيﷺ: ((من ملَك زادًا وراحلةً تُبِلِّغُه إلى بيتِ اللهِ، ولم يحجَّ؛ فلا عليه أن يموتَ يهوديًّا أو نصرانيًّا، وذلك أن اللهَ يقول: {ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا})

وذلك لأن الحج مدرسة إيمانية، ودورة تربوية أخلاقية، يزداد فيها إيمان المسلم وترتفع درجاته وتتهذب فيها أخلاقه وذلك لمن تجنب المعاصي والجدال والمراء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللهﷺ يقول: ((من حج فلم يرفث ويفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))  في الحج منافع دنيوية وأخروية ففي الحج تتقوى روابط المجتمع الإسلامي ويتحقق فيه إخوتهم حيث يجتمع الفقير والغني والضعيف والقوي والمسؤول ورعيته والأبيض والأسود فيتابدلون الأفكار والمخططات والتجارات ويطمئنوا على بعضهم  يقول النبيﷺ:((المسلم أخو المسلم))

  لم تكن أعمال الحج ومناسكه بدون مغزىً بل لها أهداف تربوية إيمانية كثيرة تعود بالنفع على المسلم عمومًا

ففي النية والإحرام من الميقات: ضبط للعزيمة، وتعليم للنظام

وفي لباسك لثياب الإحرام:  تذكير لك بأن الله لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا ولكن ينظر إلى قلوبنا، وتذكير لنا بثياب الموتى وكيف سنقوم من قبورنا حفاة عراة لنقف للحساب بين يدي الله سبحانه  

وفي الكف عن الفسوق والجدال والصيد والمطيبات والنساء في الحج: حمل لك أيها المسلم على مكارم الأخلاق وبعد عن الترف واللهو والشهوات المحرمة فنحن أصبحنا نعيش بالماديات وأصبحنا بعدين عن الروحانيات  وفي التلبية: إعلان بذكر الله، وإظهار العبودية لها سبحانه، وكأنك تقول لبيك سأطبق جميع ما أمرتني به اعاهدك على أن أحقق ذلك في سلوكي  

وهذا المعنى نجده أمام الملتزم: فهو عهد على التزام أوامر الله واجتناب نواهيه ورفع للدعاء من أعظم مكان يقبل فيه ويستجاب، حيث وقف ﷺ عنده وقال: ((دعوت فا ستجيب لي)) ومن  كان واقفًا عند حدود الله مبتعدًا عن المحرمات فإن الله  يستجيب له  

وفي ركعتي الطواف خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام: أداء لتحية المسجد الحرام، وتذكير بعمل سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في بناء البيت العتيق أما السعي بين الصفا والمروة: لتتيقن أن من توكل على الله سبحانه وتعالى كفاه وآوه وأعطاه كما حصل مع سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر حين تركهم سيدنا إبراهيم لرعاية الله وحفظه بأمره سبحانه {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيمواالصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} فها هي أفئدتنا تطير في كل موسم إلى تلك البقاع إن لم نذهب بأجسادنا  

الوقوف في عرفة: يقولﷺ((الحج عرفة))  ذلك الموقف يزداد في إيمان المسلم عندما يرى الجميع محتاجًا متذللًا خاضعًا لله سبحانه يقفون في صعيد واحد ووقت واحد ولباس واحد يدعون ربًا واحدا مهللين مكبرين، لا فرق بين عظيم وحقير وأسود وأبيض وما أشبه هذا الموقف بموقف الحشر والحساب  بين الله سبحانه وتعالى فهذه أبرز مواقف الحج وكلها تحمل حقيقة العبودية لله تعالى، وتذكره بذكره ليصل في نهاية هذه الدورة  إلى اكتساب ملكة الذكر في قلبه ولسانه في كل أحواله فتلك معاني عظيمة 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل