إلى صدى "كاتس" في لبنان: كرامتنا أغلى من أي موسم سياحي

السبت 07 حزيران , 2025 01:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في الوقت الذي دوّت فيه انفجارات الكيان الصهيوني في الضاحية الجنوبية لبيروت وعين قانا في الجنوب، واهتزّت الأرض تحت أقدام الناس، وارتفعت سحب الدخان في سماء الوطن، خرجت علينا أصوات من الداخل اللبناني لا لتستنكر العدوان، بل لتتبنى رواية المعتدي وتردد كلامه حرفيًا كأنها ناطقة باسمه، بل وأكثر.

في الوقت الذي يهدد فيه كيان الاحتلال بلسان كاتس لبنان وبيئته ومقاومته، تتطوع بعض "النخب" عندنا للقيام بالمهمة، لا دفاعًا عن الوطن، بل خوفًا على موسم سياحي أو "صورة لبنان الحضارية". الفنانة نادين الراسي، مثلًا، اختارت أن تعبّر عن "خوفها" من اتساع الردود، لا من العدوان نفسه، ووجهت رجاءها – أو قل استجداءها – إلى المتحدث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي، ألا يعمّم وصفه للبنانيين، بل يحدد أماكن الضرب، وكأن على العدو أن يُراعي مشاعر السائح والمستثمر وهو يشن عدوانه. وكأنّ الكيان الصهيوني، الذي لطالما ضرب بلا تمييز، بات عليه أن يقدّم جدول ضربات مسبقًا لتطمئن قلوب زوّار الكازينو.

أما النائبة نجاة صليبا، التي وصلت إلى البرلمان في لحظة غضب شعبي بالصدفة، فبدل أن تكون صوتًا سياديًا في وجه انتهاك صارخ للسيادة، راحت تدين المقاومة وتحمّلها المسؤولية، في خطاب لا يختلف كثيرًا عن بيان يصدر من الخارجية الإسرائيلية نفسها. لا تمثّل صليبا اليوم إلا نفسها، وربما بعض الأصوات التي التبست عليها شعارات "الثورة" مع مشاريع الاستسلام، والتي اعتقدت أن الحياد وهم يمكن أن يصمد أمام صواريخ عدو لا يعرف من اللغة إلا لغة الدم والنار.

وما يُقال عن هؤلاء، يُقال مضاعفًا عن أمثال سمير جعجع ومن معه، من أولئك الذين احترفوا لعب دور "نواطير المصالح الأجنبية" في هذا البلد، وحوّلوا الخصومة السياسية إلى شراكة فعلية مع مشاريع ضرب المقاومة، وسعوا منذ عقود لشل أي قدرة على الردع بوجه الكيان الذي يعرفون تمامًا كيف يتعاملون معه، سرًا وعلانية.

اليوم، يُطلب من المقاومة أن "تضبط نفسها"، أن "تسلّم سلاحها"، أن "تفكر بالاقتصاد" وبـ"الصورة الخارجية للبنان"، وكأن ما نعيشه هو نزهة، لا عدوانًا حقيقيًا يستهدف الأرض والبشر والسيادة.

يُطلب منها أن تصمت كي يطمئن العدو، وأن تنكفئ كي تستمر الحفلات والمواسم والمهرجانات، وكأن وطنًا بلا كرامة يمكن أن ينهض بقطاع خدمات.

الرد على كاتس لا يكون بتصريح. الرد عليه لا يكون بتوسّل الرحمة من أدرعي. الرد على هذا العدوان لا يكون إلا بإرادة شعبٍ يرى في المقاومة عنوانًا لحماية الوجود، لا عبئًا على الموقف. والذين يطالبون بتسليم السلاح هم أنفسهم الذين سيطلبون النجدة حين يدقّ الخطر أبوابهم، وحين لا يبقى من "الدولة" سوى بيان إدانة يتيم.

نقولها بوضوح: لن نُسلّم، ولن نعتذر عن كرامتنا، ولن نتخلى عن السلاح الذي حمى لبنان يوم تخلّى الآخرون عنه. وليغضب من يغضب، فدماء شعبنا وحقنا في العيش بكرامة، أغلى من أي صورة على بطاقة بريدية، ومن أي موسم سياحي مؤقت.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل