أقلام الثبات
تعمل الالة الاعلامية "الاسرائيلية" - بتوجيه وتواطؤ مع النسق السياسي الاكثر فاشية وعدوانية بزعامة بنيامين نتنياهو - على ترويج شائعة مفادها ان هناك خلافات قد تكون عميقة مع الادارة الاميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب، وتستظل في ذلك إبعاد موظفين في فريق ترامب يدافعون عن الاجرام "الاسرائيلي" ويشجعون على ابادة الفلسطينيين ويغطون الجرائم "الاسرائيلية"، ويسوقون السردية الصهيونية, تعبيرا عن الولاء القوي لكيان الاحتلال.
واقع استبدال الموظفين اكان في البيت الابيض ام في وزارة الخارجية او مجلس الامن القومي ,لم يكن بسبب ولائهم للاحتلال وتأييد حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني , وتغطية بقاء الاحتلال في نقاط في الجنوب اللبناني مع مواصلة العدوان ليس على منطقة جنوب الليطاني انما على كل الاراضي اللبنانية على لبنان , وليس بسبب خلافات "خلافات متصاعدة" بين ترامب ورئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، بشأن احتمال تنفيذ هجوم على إيران، واستمرار الحرب على قطاع غزة، انما لغايات اميركية - ترامبية، ابرزها انهم فشلوا في "حلب" المال الذي اعطاهم دروسا في كيفية جنيه كما فعل في جولته الخليجية , من خلال مواقعهم التي انتدبوا لها.
وفقًا لتقرير موقع "واينت" المقرب من نتنياهو ، فقد شملت التغييرات ميراف سيرن، وهي مواطنة أميركية "إسرائيلية" تم تعيينها مؤخرًا رئيسة لقسم إيران و"إسرائيل" في مجلس الأمن القومي، ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إريك تريجر، وكان الاثنان قد عُيّنا من قبل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز,، المعروف بولائه الشديد "لإسرائيل"، والذي اقاله ترامب مؤخرًا من منصبه رئيسا لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ووفقا للتقرير فقد نفّذ هذه الإقالات وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الذي تولّى المنصب خلفاً لوولتز.
كما أفاد الموقع بأن نائبة المبعوث الخاص، ستيف ويتكوف، والمكلّفة بملف لبنان، مورغان أورتاغوس، تستعد كذلك لمغادرة منصبها قريبًا، من دون أن يكون القرار بمبادرة منها. وتُعتبر أورتاغوس من أكثر المؤيدين "لإسرائيل" في الإدارة الأميركية.
وذكر التقرير أن أورتاغوس، التي لفت إلى أنها "اعتنقت اليهودية وتضع بفخر قلادة نجمة داوود"، ومارست ساديتها على معارفها في لبنان، بحيث اضطر القصر الجمهوري اللبناني ان يكذبها أكثر من مرة, جراء العمل على توريط المسؤولين في التزامات لم تطرح في أحاديثها معهم، وفي الضغط رغم استجابة بعض اركان الحكومة اللبنانية ورفع سقف مواقفهم المتماهية مع ما تروجه "اسرائيل" وبالتالي اورتاغوس لإعلان موقف صارم من "حزب الله"، حتى لو ادى ذلك الى فتنة لا تبقي ولا تذر اضافة الى تجريد المخيمات الفلسطينية من السلاح، الذي تم الايعاز بشأنه الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأنه, وهو السبب الرئيسي لزيارته الى لبنان.
لقد ورد في مقالة في "الثبات" في السادس من ايار الماضي بعنوان "لجنة جنوب الليطاني بين الضغوط ,, والتوقعات المحدقة "ان اورتاغوس انتهت مهمتها في لبنان , وفي النص "يبدو من المفيد للجانب اللبناني ان الفريق الاميركي الذي كان يمثله الجنرال جاسبر جيفرز عسكريا , وموؤغان اورتاغوس سياسيا , والمؤيد بلا حدود "لإسرائيل" قد انتهت مهمته ".
لقد كانت "الثبات" سباقة في كشف نهاية مهمة اورتاغوس في لبنان بحيث ان "معلمها" ستيف ويتكوف الذي يمسك الملف وهي نائبته, لم يستسغ اداءها غير المتفاعل مع ادارته لملف غزة , بحيث اصبحت تغرد مستقلة دون فهم ابعاد افعالها النتنة , والتي تلقى المديح من بعض المحسوبين على ساسة لبنان .
بحسب "واينت"، تسببت أنباء استبعاد اورتاعوس الوشيك من منصبها، بصدمة في الأوساط الإسرائيلية المعنية بالشأن الأميركي، نظرًا لعلاقتها الوثيقة بإسرائيل ودعمها الصريح لها، الا ان مسؤولين "إسرائيليين" مطلعين على العلاقات مع واشنطن يرون أن إقالة سيرن وتريجر وأورتاغوس لا تعكس بالضرورة موقفًا عدائيًا ضد "إسرائيل"، بل تأتي ضمن أجندة "أميركا أولًا" التي يتبناها ترامب، والتي تسعى لتقليص تأثير الدول الأجنبية على السياسات الأميركية، وأن هذه التغييرات جزء من استراتيجية أوسع لترامب تهدف إلى تقليص نفوذ مجلس الأمن القومي وتعزيز السيطرة المباشرة على السياسة الخارجية، ولهذا لم يُعيّن خلفًا لوولتز، تاركًا الصلاحيات بيد ماركو روبيو، المعروف بدعمه "لإسرائيل"، أن "موقف روبيو لم يتغير وهو داعم قوي لإسرائيل، لكنه ليس ملتزمًا بالأجندة الإسرائيلية" مثل سلفه وولتز، ويُنظر إليه على أنه براغماتي. ليخلص التقرير الاسرائيلي الى ما مفاده ، "إن من يقود هذه الحملة داخل الإدارة هما نجل الرئيس، ترامب الابن، ونائب الرئيس جي دي فانس".
إذاً، ليس الامر كما يحاول ان يصور البعض ان خلافات بين ترامب ونتنياهو هي سبب استبعاد مجموعة موظفين لا يمكن السيطرة عليهم , او هم أكثر دعما من ترامب "لإسرائيل" .
ليس من باب التذكير , وانما لتأكيد المؤكد:
- أوليس ترامب لا يزال يمنح الضوء الاخضر لاستمرار حرب الابادة في غزة؟
- أوليس ترامب أفرج عن شحنات الاسلحة الاكثر دمارا وقتلا كرمى نتنياهو ونكاية بسلفه جو بايدن الذي اشأ جسورا جوية وبرية وبحرية التفافية لتدفق الاسلحة الى الكيان ليقتل فيها الفلسطينيون واللبنانيون؟
- الم يتراجع ترامب عبر موفده ويتكوف غير مرة عن اتفاق وقف النار في غزة وهو الذي صاغه من افكاره وبيده , وعندما توافق حركة حماس , ترفض اسرائيل ويعود يدبج اتفاقا اخر وهكذا دواليك؟
نعم ان الاستغناء عن شخص يدير ملفا , مثل اورتاغوس , لن يبدل "اسرائيلياً" في الجوهر شيئا , وانما في لبنان سيخرج البض من عقولهم , لان السيدة شكلت لهم حائط مبكى , يعتقدون انه يستر عوراتهم ,
لقد تم استبدال الجنرال جاسبر جيفرز المعروف بتأييده المطلق لإسرائيل , كرئيس للجنة العسكرية الخماسية , وجيء بالجنرال الجديد مايكل ليني , فهل توقف العدوان على لبنان ؟, ام ان وتائره تعلو وتنخفض حسبما يريد نتنياهو وفريقه المجرم ,, بحيث انه لم تصدر عن الجنرال الخلف اي كلمة تتحدث عن عدوانية "اسرائيل" , او عدم التزامها بوقف العمليات , وقد تجاوز عدد الاعتداءات التي تسمى "خروقا" 3350 خرقا , واستشهد أكثر من 160 مواطنا لبنانيا, وقتلوا عمدا عن سابق تصميم وترصد .
لم يتغير اي شيء , اميركا هي هي , ونتنياهو وحكومته هم هم , ولذلك لا يرمش العارفون عند سماع سيناريوهات الخلافات بين اميركا واسرائيل , وفي هذا السياق لم تستبعد مصادر "اسرائيلية" إمكانية إبعاد شخصيات مؤيدة أخرى "لإسرائيل" خلال الفترة المقبلة، وترى ان الأمور في إدارة ترامب "تحدث بشكل مفاجئ"، وأن هذه التغييرات ليست معزولة عن "التباعد" بين واشنطن وتل أبيب، والذي اعتبر التقرير أنه ناتج عن حسابات داخلية لدى الإدارة الأميركية، ولذلك فان الحديث عن خلافات عميقة او جوهرية بين اميركا و"اسرائيل" ليس الا كلاما خلبيا , وفق خطة ذر الرماد في العيون , ومحاولة تظهير ملمسا ناعم كما يحصل عندما تخلع الافاعي جلودها.