أقلام الثبات
يتعرّض المجتمع المقاوم الشريف والصابر لحرب متعدّدة المحاور؛ العسكرية والأمنية والاقتصادية والنفسية، ويعيش في حربٍ لم تنته ميدانياً، ولم تنته تداعياتها المادية والنفسية، فعشرات الآلاف لا زالوا مهجّرين خارج قراهم وبيوتهم المدمّرة، ومئات الآلاف يعيشون الخوف والرعب الدائم من القصف والاغتيالات والإنذارات التي تصيب الناس بالرعب والخوف والنزوح المؤقت، ضمن منظومة الترهيب "الإسرائيلي" الدائم للمجتمع المقاوم، للضغط عليه ودفعه لفك الارتباط مع المقاومين، وطردهم من القرى ومن المباني، لتثبيت معادلة رفض الناس لوجود اي مقاوم، حتى لو كان شخصاً أعزلاً، يشكل وجوده تهديداً للمحيطين، واعتباره موقعاً عسكرياً متحركاً، لعزل المقاومة عن أهلها، وتوسعة المنطقة العازلة من جنوبي الليطاني الى شمال قلوب الناس، وتحويل البيئة الحاضنة والداعمة الى بيئة معادية ومناهضة للمقاومة.
الإشكالية والخطأ الكبير الذي لم يبادر الأخوة في الثنائية لتصحيحه، أنهم لا زالوا يحمّلون أهل المقاومة كل الأعباء والأثقال، دون الانتباه إلى ان هذا المجتمع المقاوم يكاد يصل الى مرحلة عدم التحمّل، ليس تنصّلاً من مسؤولياته او تراجعاً عن ثوابته وقناعته، بل لعدم القدرة على مواصلة الدعم ،بعد نفاد كل مدخّراته المالية والنفسية والمعنوية..
تُقصّر الثنائية بحق الأمن الاجتماعي للناس الذين فقدوا ودائعهم، سواء كانوا مقيمين أو مغتربين، ولم تستطع الثنائية - وهي التي كانت حاكمة للدولة طوال سنوات وتمسك بزمام الأمور المالية - ان تحمي أموال الناس ورواتبهم، فضاعت كل اموالهم ورواتب تقاعدهم، وسُلب حصاد عمرهم، ومع ذلك كانت الثنائية تردّد أنها استطاعت تأمين أفضل نظام مالي في العالم.
تُقصّر الثنائية في معالجة الأوضاع الاجتماعية والنفسية لأكثر من 30 ألف عائلة فقدت أحبابها من الأبناء والأزواج والآباء، وأكثر من 60 ألف يتيم لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، وبعضهم وُلد يتيماً، ولم تبادر هذه الثنائية الى معالجه الآثار الاجتماعية والأسرية والنفسية لهذه العوائل التي تشكل 10% من مجموع الشيعة المقيمين في لبنان، وإذا أضفنا إليهم عوائل الشهداء الماضين لوجدنا ان "خمس" الطائفة الشيعية يعيش في دائرة الحزن والاستشهاد واليُتم!
تُشارك الثنائية في اتخاذ ا قرارات زيادة الضرائب والأسعار والرسوم على المعاملات الرسمية في الحكومة ومجلس النواب، أو على صعيد الوزراء، والتي ترهق الشعب اللبناني، وبشكل خاص أهلها في المجتمع المقاوم، ثم تشتم في خطاباتها "الدولة - الشبح"، مع أنها جزء من هذه الدولة الظالمة!
يتم تدمير التعليم الرسمي لمستوياته المتعدّدة، لصالح التعليم الخاص، والذي شاركت الثنائية فيه، ومع إنجاز بناء المدارس الرسمية الحديثة في الجنوب، لكنها صارت بلا جدوى، بسبب قطع رؤوس المعلمين بالرواتب الهزيلة.
استمرار الثنائية في إغماض أعينها عن حالات التشقق والتصدّع في المجتمع المقاوم، وإهمال الأمن الاجتماعي والمعيشي لأهلها سيزيد الإنهاك والحصار للمجتمع المقاوم، ويساعد في تقصير مدة صموده، مع حاجته للبقاء صامداً أكثر مدة زمنية ممكنة لمواجهة الحرب الطويلة المفروضة عليه.
الاعتقاد بأن السلاح وحده يحمي الناس هو اعتقاد خاطئ، مع التأكيد على أهميته ومحوريته ،فإن تأمين رغيف الخبز والماء وحبة الدواء جزء أساس من منظومة الصمود والمقاومة، فلا يمكن الاستمرار بالقتال لمجتمع جائع وعطشان، تُنهكه البطالة التي تجذب المخدرات وتسهّل الانحرافات السلوكية.
لكي يبقى أهلنا أشرف الناس وهم كذلك، وأكرم الناس وهم كذلك... لابد من الالتفات الى حاجاتهم المعيشية المادية والنفسية والمعنوية وهم الآن مكشوفو الظهر والراس، مع تقصير وقصور في حمايتهم والدفاع عنهم وعدم الاشتراك بفرض الضرائب عليهم، وحمايتهم معنوياً من الإذلال الذي يتعرّضون له في مطار بيروت، باعتبار كل شيعي ارهابياً حتى يثبت العكس!
لا تكفي الخطابات التي تمجّد الناس عند الحاجة إليهم في الانتخابات البلدية او النيابية او عند أي منعطفٍ تتعرّض له الثنائية!
المجتمع المقاوم ليس بخير، ولولا وعي الناس ومسؤوليتهم في حماية العقيدة ووحدة الصف والموقف، لصرخوا اعتراضاً، لكنهم يكظمون غيظهم حتى لا يصطاد صراخهم عدوٌ ماكرٌ، يقضي عليهم وعلى المقاومة.
فبادروا... قبل فوات الأوان.
"الثنائية"... ومسؤولية الأمن الاجتماعي للمجتمع المقاوم _ د. نسيب حطيط
الأحد 01 حزيران , 2025 10:48 توقيت بيروت
أقلام الثبات

