لإسقاط حكومة نزع السلاح والتطبيع _ د. نسيب حطيط

السبت 31 أيار , 2025 03:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 
تواصل أميركا حربها على المقاومة والوطنيين اللبنانيين على محورين: محورٌ عسكري تقوده "إسرائيل" التي لم تلتزم بوقف إطلاق النار، برعاية وحماية أميركية، ومحور سياسي تقوم به حكومة نزع السلاح والتطبيع، والتي تتباهى بأنها أنجزت تفكيك 80% من القدرات العسكرية للمقاومة، واستولت على من 500 موقع عسكري، لكنها لم تبادر لإجبار العدو للانسحاب من الأراضي اللبنانية، ولم تمنعه من اغتيال المدنيين أو التوغلات البرية على الحدود.
تعتقد حكومة نزع السلاح والتطبيع أنها تستطيع إنجاز نزع السلاح والقضاء على المقاومة خلال أشهر قليلة، وهو أسهل عليها من إضاءة نفق المطار او طباعة دفاتر السوق او الطوابع الأميرية او تسوية الأملاك البحرية، وتعتمد في خطابها اسلوب إصدار "الفرمانات" وتغييبها لغة الحوار والتفاوض، لاعتقادها انها تملك القرار، وعلى الجميع التنفيذ دون اعتراض، متجاهلة التاريخ السياسي للبنان الذي سقط فيه كل الذين حاولوا الاعتماد على أميركا و"اسرائيل"، وأن الصيغة اللبنانية منذ استقلال لبنان ترتكز على معادله "لا غالب ولا مغلوب" مهما كانت نتائج الحروب الداخلية او الخارجية، ولا يستطيع أي طرف استثمار نصره .
من إيجابيات رئيس حكومة النزع السلاح والتطبيع، أنه لا يعتمد الخداع والنفاق السياسي الذي يسلكه كثير من السياسيين اللبنانيين ،لاعتقاده الخاطئ والواهم بامتلاكه فائض القوة الذي يوفّره الدعم والإسناد الأميركي والخليجي، او بسبب قلّة خبرته السياسية، او بسبب نفاد الوقت المحدّد لتنفيذ المهمة التي أوكله الأميركيون بها لإنجاز نزع السلاح وتفكيك البنى العسكرية والمالية والتربوية للمقاومة، ولتسهيل سقوط لبنان في المشروع الأميركي واتفاقات "إبراهام "والتطبيع مع "اسرائيل"، وثم الالتزام بالديانة الابراهيمية بعد توطين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين.  
بدأت إرهاصات سقوط حكومة نزع السلاح والتطبيع، بقرار من الطرفين المتحاربين (أميركا والمقاومة) لأسباب متناقضة وفق التالي:
- أميركا لاستعجالها تفكيك المقاومة وعدم الانتظار كثيراً، لعدم امتلاكها الوقت الطويل لفرض انتدابها على لبنان، ولمنع منح المقاومة الوقت اللازم لتعافيها واستعادة قوتها، وبالتالي فإنها يمكن ان تلجأ لتغيير رئيس الحكومة "الفاشل" الذي لم يستطع التنسيق  مع رئيس الجمهورية ولا مع القوى السياسية اللبنانية، ويغرّد وحيداً ومنبوذاً من المنظومة السياسية اللبنانية التي ترى فيه دخيلاً عليها وغير متجانس معها، وتعاتبه أميركا وستحاسبه على ضعفه وتقصيره، وتقارنه بسلطة أحمد الشرع في سوريا، الذي استطاع إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية وطرد واعتقال مسؤوليها، ومصادرة سلاحها خلال شهرين من تسليمه السلطة، مقابل عجز رئيس حكومة عن نزع السلاح وتنفيذ اي موضوع، والاكتفاء بالتصريحات "غير الذكية"  التي تصيب المشروع الأميركي بالضرر، وكسرت ثنائية "رئاسة الجمهورية والحكومة"، وتم استبدالها بثنائية "رئاسة الجمهورية ومجلس النواب"!
-المقاومة التي وصلت الى طريق مسدود، ولم تستطع المساكنة والمهادنة مع رئيس الحكومة، وانتفاء إمكانية التعاون، لعدم احترامه للمقاومة وعدم اعترافه بها. 
والسؤال: هل يتم إسقاط الحكومة من بوابة الاقتصاد والضرائب وزيادة الأسعار، كما فعلت أميركا لإسقاط الحكومة بسبب "سنتات " الهاتف الخليوي، لإشعال "ثورة تشرين" وفق خطة الوزير الأميركي "بومبيو"، التي لازالت مستمرة حتى الآن، بعد نجاح تنفيذ كل مراحلها، أم بانتفاضة شعبية في الشارع؟
مسؤولية المقاومة تتمثل اليوم في إعادة تفعيل جناحها السياسي والمدني الذي لا يتحرك كما يجب حتى الآن، ودون مبرر، مما يزيد الأعباء على جناحها العسكري الذي يعيد ترميم نفسه ويجعله مكشوف الظهر سياسياً وداخلياً، ويُفسح المجال امام أميركا لمواصلة للهجوم على المقاومة داخلياً، ومنع إعادة الإعمار، وبالهجوم الإعلامي المتعدّد الألسن والمحاور دون مقاومة إعلامية حقيقية، بسبب الحصار والقصور وفشل إدارة المقاومة الإعلامية مع امتلاك القدرات التقنية ووجود الكفاءات الإعلامية ذات الخبرة والانتماء والالتزام.
فلتبادر القوى المقاومة والوطنية بهجوم مضاد، لمشاغلة أميركا، للتخفيف عن الجناح العسكري ومنحه الوقت اللازم الذي يحتاجه لخوض معركته الجديدة التي تعيد تثبيت قواعد الاشتباك السابقة ومنظومة الردع المتوازن.
فلتبادر قوى المقاومة والوطنيون لتحريك الفعاليات الطلابية والعمالية والنقابية في وجه حكومة نزع السلاح والتطبيع دون تأخير، لإسقاطها او فرض تعديل برامجها. 
إن الظروف التي فرضت صمت المقاومة العسكرية "مرحلياً" لا تبرّر صمت المقاومة المدنية والثقافية والإعلامية لمواجهة حكومة نزع السلاح والتطبيع، ولمواجهة "الحاكم الإداري الأميركي" للبنان. 
لسنا مهزومين، بالرغم من كل الظروف الصعبة والقاسية، فلنبادر للمواجهة المدنية والسياسية، دون الاعتماد الكلي على المقاومة العسكرية، والأهم ان لا ننهزم معنوياً ونفسياً... وأخلاقياً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل