الانتخابات: سلاح المقاومة لم "يقترع".. وانتصرت المقاومة ــ أمين أبوراشد

الإثنين 26 أيار , 2025 11:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

فوز 76 بلدية بالتزكية في محافظتي الجنوب والنبطية، بينها 73 بلدية للثنائي الشيعي، مع اكتساح انتخابي للوائح التنمية والوفاء في المدن والبلدات التي شهدت تنافساً مع لوائح أخرى، في ظل أداء جيد لوزارة الداخلية وسيطرة أمنية للجيش والقوى الأمنية بشكل غير مسبوق، وغياب سلاح المقاومة الذي كان "قميص عثمان" الخصوم، لم يمنع هذه المقاومة من الفوز المؤزَّر، وسط صرخات بعض المقترعين الذين جاهروا بالإعلان: "نحن نقترع لعيون السيِّد".

أثبتت المقاومة في لبنان أنها في قلوب أبناء بيئتها والبعيدين جغرافياً عن بيئتها، ونحن لن نتحدث بالأرقام ولا بأعداد الناخبين لأن المقاومة تتفوق عددياً على الجميع، وقراءة حجم جماهير المقاومة على امتداد لبنان، تبدأ من زغرتا وصولاً إلى بيروت كأول مثال عن الدور الوطني لهذه المقاومة.  

في زغرتا خاض النائب والوزير سليمان فرنجية معركته وهو في أضعف قدراته، إذا كان موقفه المؤيد للمقاومة نقطة ضعفه في "المجتمع المسيحي"، بمواجهة النائب ميشال معوض والقوات والكتائب وباقي "السياديين"، وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد نقطة ضعفه الثانية في نظر خصومه، لكن زغرتا مدينة وقضاء أثبتت أنها على الخط السياسي الوطني الثابت مع هذه المقاومة.  

بالانتقال إلى طرابلس، نصطدم بالمأساة الوطنية في نتائج الانتخابات، حيث لا حول ولا قوة للمقاومة على المستوى السياسي والانتخابي في إحداث التوازن التمثيلي، بحيث غاب عن لائحة الفائزين، التمثيل العلوي والمسيحي، وهو ما تداركته المقاومة في بيروت، عبر الثنائي الشيعي الذي ناضل من أجل المناصفة في العاصمة وكان له ما أراد، مع تسجيل خرق واحد لهذا العرف الوطني، الذي يتمسك به أبناء بيروت ومعهم المقاومة.

المثال الثاني الواجبة قراءته، هو انتصار التيار الوطني الحر في البترون وهو أيضاً في أضعف ظروفه، وواجه "الكارتيل" نفسه الذي واجهه سليمان فرنجية في قضاء زغرتا، وانتصر النائب جبران باسيل بخياراته الداعمة للمقاومة لأن قاعدته الشعبية في البترون ولو كانت بعيدة جغرافياً عن بيئة المقاومة، ثابتة أيضاُ على إيمانها بوحدة لبنان بعيداً عن طروحات جماعة "الكنتنة" والفيدرالية والتقسيم.

وقبل الدخول إلى جزين التي هي بيت القصيد، نُعرِّج على زحلة التي تركها التيار الوطني الحر انتخابياً لخيارات عائلاتها، لكن، وكما في كل انتخابات بلدية أو نيابية في زحلة، تقف السيدة ميريام سكاف حائرة في تحالفاتها، وتنتهي بها الأمور لأن تكون الخاسر الأكبر نتيجة الأسلوب المُكابر الذي تعتمده، وفي النتيجة فازت القوات ببلدية زحلة، ورفعت شعار انعزالي مقيت: "عا زحلة ما بيفوتوا"، دون تحديد اسم الفريق الممنوع من دخول زحلة، علماّ أن الزحالنة أنفسهم يحتاجون الجوار السني والجوار الشيعي للدخول الى زحلة.

شعار "عا زحلة ما بيفوتوا"، حملته القوات معها إلى معركة جزين.. جزين العروس المسيحية المُحاطة بكل التلاوين الطائفية اللبنانية، سنة وشيعة ودروزاً، لا تستطيع أن تعيش وحيدة بمعزل عن جاراتها، وترفض منطق "النائبة" غادة أيوب، صاحبة الخطاب العنصري الأعمى الذي لا تتقبله ثقافة أبناء جزين، المنسجمين غرباً مع صيدا السنية، وشرقاً وجنوباً مع البلدات الشيعية، وشمالاً مع الجبل الدرزي، وهذا الخطاب الذي استوردته غادة أيوب من القواتي إبراهيم الصقر في زحلة، هو الذي ضاعف الخسارة في جزين، وهي خسارة ماحقة تُمهِّد لهزيمة نيابية لنواب القوات في جزين عام 2026.
وفي الخلاصة، أثبتت هذه الانتخابات أن سلاح المقاومة الحقيقي والدائم، ليس الصاروخ والمدفع والبندقية، بل أهل هذه المقاومة وبيئتها الحاضنة اللصيقة بها والبعيدة عنها جغرافياً ومن كل الطوائف، واختارت الجماهير الناخبة على مختلف تلاوينها المقاومة كمؤسسة حزبية لإدارة شؤونها مع قرب البحث الجدي باللامركزية الإدارية، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة أمل والتيار الوطني الحر والمردة وباقي الأحزاب، ولهذا السبب كانت حظوظ المرشحين المستقلين قليلة جداً لعدم الثقة من جدوى وصولهم عبر الخرق إلى المجالس البلدية كإدارات محلية مستقبلية، وباتت المقاومة، إلى جانب دورها العسكري، أكبر حزب سياسي اجتماعي على الخارطة اللبنانية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل