مقالات مختارة
بعد توجيه الدعوة للمواطنين اللبنانيين في محافظتي الجنوب والنبطية، وقبل ساعات قليلة من توجه الجنوبيين الى صناديق الاقتراع لممارسة حقهم في انتخاب أعضاء المجالس البلدية والاختيارية، ومن يرونه مناسباً لتحمل مسؤولية متابعة ملف اعمار او ترميم منازلهم في مدنهم وبلداتهم وقراهم، لجأ الكثير منهم الى التوافق فيما بينهم وفوز الاعضاء بالتزكية، خصوصاً في البلدات الحدودية مع فلسطين المحتلة.
في الساعات القليلة الماضية، وقبل فتح الصناديق المحدد عند الساعة السابعة من صباح يوم السبت الواقع في 24-5-2025، فتح العدو الصهيوني نيرانه على أكثر من 20 بلدة في المحافظتين عبر طائراته الحربية من مختلف الأنواع، وهي التي لم تتوقف عن الغارات منذ اعلان وقف إطلاق النار في شهر 27 تشرين الثاني من العام 2024.
كيّ الوعي الذي يمارسه العدو في مناسبة "عيد المقاومة والتحرير" الذي انجز في العام 2000 واعتبر عيداً وطنياً لم يتوقف، من خلال ممارساته العدوانية المستمرة على القرى والبلدات والمدن اللبنانية منذ العام 1948، ولهذه المناسبة وجّه قائد الجيش العماد رودولف هيكل في أمر اليوم قال فيه "نقف امام مناسبة تاريخية بإنجازاتها، متمثلة بتحريرِ الجزء الأكبرِ من أرضنا، بعد عقود من احتلال العدو الاسرائيلي، وهو إنجاز وطني يحمل رمزية كبيرة عبر استعادة معظم أراضي الجنوب، بفضل صمود اللبنانيين وثباتهم، لقد بات من الواضحِ والمؤكد، أن صمودكم هو أحد أهم أسباب استمرارِ لبنان ووحدة اللبنانيين وسلامة أمنهم، وقد ظهر ذلك جليا في عملكم المكثف، بهدف بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتطبيقِ القرارات الدولية بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، والانتشارِ في الجنوب ومواكبة عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم. تُضاف إلى ما سبق الإجراءات الاستثنائيةُ لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضبط الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها، فضلا عن حفظ أمن الانتخابات البلدية والاختيارية، التي تُجسد إرادة لبنان وعزم أبنائه وتمسكهم بالأنموذجِ اللبناني الفريد، وتطلعهم إلى مستقبل أفضل. يجري ذلك فيما يُصر العدو الإسرائيلي على انتهاكاته واعتداءاته المتواصلة ضد بلدنا وأهلنا، ويواصل احتلال أجزاء من أرضنا، ويعرقل الانتشار الكامل للجيشِ في الجنوب، ما يُمثّل خرقًا فاضحا لجميعِ القرارات الدولية ذات الصلة".
قبل الدخول في الصمت الانتخابي في المرحلة الأخيرة من الجولات الانتخابية وجه رئيس مجلس النواب نبيه بري نداء إلى الجنوبيين دعاهم من خلاله إلى المشاركة الكثيفة في الاقتراع للوائح التنمية والوفاء، خصوصا في القرى الأمامية لإنتاج مجالسها البلدية والاختيارية. نداء حمل رسالة من بري "للتأكيد من خلالها للمحتل الإسرائيلي ولآلته العدوانية، أن هذه القرى العزيزة لن تكون إلا لبنانية لأهلها ومساحة للحياة وليست أرضا محروقة وسنعيد إعمارها ولن تكون شريطا عازلا مهما غلت التضحيات".
لغاية الساعة فازت بالتزكية أكثر من 90 مدينة وبلدة وقرية معظمها محاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة تعرضت للدمار الكامل ومن المستحيل اقامة مراكز اقتراع داخلها، ولذلك اقرت وزارة الداخلية خطة استثنائية تقضي بنقل مراكز الاقتراع الى مناطق أكثر أماناً.
ليست الانتخابات البلدية في الجنوب هذا العام مجرد عرس انتخابي كباقي المحافظات كما اتفق الكثير على تسميته بل هو رد شعبي وسياسي رافض للاحتلال وللاعتداءات الصهيونية، وما يجري ليس فقط استحقاقاً إنمائياً، بل اثبات للقاصي والداني انهم حاضرون في كل ساح، ومتمسكون بمؤسساتهم وبحقهم في اختيار ممثليهم، ولو من تحت الردم، كما هي تعبيرا عن صمودهم في منازلهم، وحرصهم على المشاركة في إعادة بناء المؤسسات التي دمرها الحرمان والعدوان الصهيوني، مؤكدين أن الجنوب من شرقه الى غربه، ليس منطقة منفصلة عن الوطن، بل منطقة تحتفل بأعراسها الوطنية، وتشارك فيها بدمغ اللون الأزرق على اصابع أبنائها، واللون الأحمر من دماء ابنائها على ارضهم، دفاعا عن كراماتهم وعزتهم وقوتهم، التي لم ولن يكسرها المحتل مهما كان اسمه او عنوانه.
فتحي جعفر