الإسلام السياسي "السنّي" يبيع فلسطين وحركات المقاومة؟ _ د. نسيب حطيط

الخميس 15 أيار , 2025 03:30 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 اكتمل عقد الإسلام السياسي "السني"؛ أنظمة وأحزاباً وجماعات تكفيرية، ومشايخ ومفتين، لتوقيع عقد بيع فلسطين للصهاينة، وتجريم المقاومين الفلسطينيين وحركات المقاومة بتهمة الاعتداء على المحتلين والمغتصبين وتهديد أمنهم، وعرقلة المشروع الأميركي للسيطرة على المنطقة وجباية محاصيلها من النفط والغاز وكل الثروات من نواطير الحكم الذين يديرون "البيادر" المسمّاة جمهوريات وممالك وإمارات.
حدّدت أميركا وفرضت معايير الإرهاب وفق الموقف من "إسرائيل" بشكل خاص، والموقف من "السامية "والعداء لها، فكل من يقف ضد المشروع "الإسرائيلي" هو إرهابي، وكل من يطبّع ويؤيد السلام مع "إسرائيل" يمكن ان يتحوّل من "إرهابي" الى "شاب جذّاب" وعضو في المنظومة الدولية وهو يصافح من أعلن جائزة لإلقاء القبض عليه ولم يلغها حتى الآن! 
طبّعت أغلب الدول العربية والإسلامية، وفتحت عواصمها للعدو "الإسرائيلي" وأغلقتها بوجه المقاومين، ما عدا الجزائر ولبنان والعراق واليمن المقاوم، وتم بناء تحالف شامل بين الأنظمة وحكامها ومشايخها والعدو "الإسرائيلي" لمواجهة المقاومة في غزة ولبنان واليمن والعراق.
والسؤال: جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحزب الأكبر والتاريخي ضمن الإسلام السياسي السنّي، لماذا لم تشن حرباً ضد العدو "الإسرائيلي" منذ اغتصاب فلسطين، ولم تشارك إلا بمعركة واحدة في البدايات على الجبهة المصرية، لكنهم تفرغوا لقتال الرئيس المصري عبد الناصر والرئيس السوري حافظ الأسد في ذروة المد القومي ضد التحالف الثلاثي الأميركي - البريطاني - "الإسرائيلي" والرجعية العربية التي استفاقت الآن واستلمت القرار العربي؟
لقد استنزفت هذه الجماعة مصر وسوريا من خمسينيات القرن الماضي ،ثم تولّت قيادة ما سمّي "الربيع العربي" لإسقاط الأنظمة في مصر وتونس وليبيا وسوريا وكانت "رحم" الجماعات التكفيرية وجماعات التكفير والهجرة في مصر، والتي اسّست الخلايا الأولى" للأفغان العرب" الذين قاتلوا الاتحاد السوفياتي عندما كان يدعم حركات التحرر العربية، ويمد المقاومة الفلسطينية بالسلاح ويدعم القضايا العربية، لكن "جماعة الإخوان" لم تتقدم الصفوف لمقاومة العدو "الإسرائيلي"، أما حماس فقد وُلدت من رحمها لكنها نسخة فلسطينية مركّبة، ونصفها الخارجي يعمل بسياسة "الإخوان"، وتحالفت مع الإسلام السياسي الشيعي الذي دعمها بالسلاح والمال والإعلام، وقاتل معها حتى الاستشهاد.
قاتلت الجماعات التكفيرية الاتحاد السوفياتي عندما كان داعماً للعرب وسكتت عنه حتى الآن عندما تخلى عن دوره العربي بعد تفكيكه ووراثة روسيا له .
قاتلت الجماعات التكفيرية العراق بغزوة "داعش" لإسقاط حكم "الرافضة" المعادين "لإسرائيل" والمشروع الأميركي. 
قاتلت الجماعات التكفيرية النظام السوري الذي احتضن فصائل المقاومة الفلسطينية ودعمها، بما فيها حركة حماس التي دعمت الثورة السورية ولوّحت بعلمها، فكانت النتيجة ان أقفلت الثورة السورية مكاتب حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية، واعتقلت مسؤوليها وصادرت سلاحها واقفلت مكاتبها.
لم تطلق الجماعات التكفيرية طلقة واحدة منذ تأسيسها ضد العدو "الإسرائيلي" وكل رصاصها وانتحارييها في صفوف المسلمين من الذين تكفّرهم من الرافضة الشيعة والعلويين والدروز الكفّار والسنة المرتدين والمسيحيين المشركين، حتى هاجر بعض التكفيريين من فلسطين المحتلة ليفجّر نفسه ضد الرافضة في العراق والعلويين في سوريا.
يحاصر الإسلام السياسي السني ويقتل كل "مسلم سنّي" لا يزال يناصر فلسطين ويؤيد المقاومة ثم يتهمه بالتعاون مع إيران والمقاومة في لبنان، مما يجعله مرتدّاً يستعين بالكفار حتى لو صلّوا على جنازته، فصلاتهم باطلة ولا تجوز قراءة الفاتحة على شهداء المقاومة في لبنان.
ان الإسلام السياسي السني الذي يمثل الأكثرية الإسلامية في العالم يمهّد الطريق، لبيع القدس وفلسطين ومن ثم بيع الإسلام، لفتح الطريق امام نشر "الديانة الإبراهيمية" التي تفرضها أميركا واسّستها الماسونية العالمية بالتعاون مع الصهيونية برعاية أميركية.
تعهّد الإسلام السياسي السني "الإسلام الأميركي المهجّن" بالقضاء على الفكر المقاوم وحركات المقاومة وحصارها وقتالها وتكفيرها سياسياً واعتبارها إرهابية وتكفيرها دينياً وإعطاء الفتوى للجماعات التكفيرية بذبحها.
لقد بدأت معالم الشرق الأوسط تتغيّر جغرافيا وسياسياً ودينياً وديموغرافياً وفق التالي:
- تذويب الإسلام القرآني الأصيل وتحريفه وتجويفه لصالح الديانة الإبراهيمية. 
- التخلي عن المشروع المقاوم وتحرير فلسطين وإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، دون دولة فلسطينية. 
- نزع كل سلاح يهدّد "اسرائيل" وأميركا، وتوزيع السلاح الذي يُشعل الحروب الأهلية الدينية والقومية والطائفية.
- التنازل عن ثروات الأمة ومنحها "للفرعون الأميركي"، مقابل إبقاء هؤلاء الحكام على عروشهم.
إن سقوط الأمة فكرياً ودينياً وثقافياً واحتلال أميركا وإسرائيل، للعقل العربي والإسلامي أكثر خطراً من احتلالهم للجغرافيا .
ويبقى السؤال: هل العرب "السنّة" يفهمون الفلسطينيين "السنّة" أكثر منّا، ويخافون من انتصارهم، فيتعاملون معهم بهذا الكره، فتخلّوا عنهم ولم يستجيبوا لاستغاثة الجائعين في غزة، أم أنهم ضد المقاومين، سواء كانوا "سنةّ او "شيعة"؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل