الثبات-إسلاميات
إن النبي صلى الله عليه وسلم حريص على أمته، فكان يأمرنا بكل خير، ويحذرنا من كل شر، وقد ربى أصحابه ومجتمعه على معالي الأخلاق، وأوصاهم بوصايا تعود عليهم نفعا في الدنيا والآخرة، ومن ذلك وصيته وتحذيره صلى الله عليه وسلم من الغضب، الذي يحمل في معناه كل شر، ومصدر كل بلية، فبلحظة غضب يحصل طلاق، وبأخرى تمزق صلات وصَدَاقات، وبثالثة قطعت أرحام، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم لذلك حذرنا منه صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: (( لا تغضب)) فردّد، قال: ((لا تغضب))
إنه غليان في القلب، وهيجان في المشاعر، فترى صاحبه محمر الوجه، تقدح عيناه الشرر، فبعد أن كان هادئا متزنا، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كليا عن تلك الصورة الهادئة، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء: ((اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا)) لذا كان صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا لله تعالى إذا انتهكت حرماته
فإن الغضب إذا اعترى العبد ، فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قَبوله
قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : أول الغضب جنون وآخره ندم ، وربما كان العطب في الغضب
ويقول عروة بن الزبير رضي الله عنهما : مكتوبٌ في الحِكم: يا داود إياك وشدة الغضب ؛ فإن شدة الغضب مفسدة لفؤاد الحكيم
لا تغضب واضبط نفسك واستعن على نفسك بعدة أمور
أولًا : الجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ، والاستغفار فالنفوس بيد الله تعالى ، وهو المعين على تزكيتها، يقول الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} والاكثار من ذكر الله فإن القلب يطمئن بذكر الله
ثانيًا: التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب، يقول الله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله}
وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يستبّان، فأحدهما احمرّ وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم كلمة ، لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد)) فإن ذلك يعينه على طمأنينة القلب وذهاب فورة الغضب
ثالثًا: التطلع إلى ما عند الله تعالى من الأجور العظيمة التي أعدها لمن كظم غيظه، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي الحور شاء))
رابعًا: غير من هيئتك التي عليها، بأن تقعد إذا كنت واقفا، واضطجع إذا كنت جالسا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع))
خامسًا: الابتعاد عن كل ما ما يسبب الغضب، والتفكر فيما يؤدي إليه، فإن ذلك مستنفذ لطاقتك
سادسًا: تدريب النفس على الهدوء والسكينة في معالجة القضايا والمشاكل، في شتى شؤون الدنيا والدين .