أقلام الثبات
عبر الإعلان عن عقد صفقة لإطلاق سراح الأسير المزدوج الجنسية "الإسرائيلي" الأميركي عيدان ألكسندر، على أثر مفاوضات مباشرة بين حماس والإدارة الأميركية، تضيف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أبعاداً جديدة للعلاقة المتوترة مع نتنياهو.
سعى نتنياهو خلال زيارته إلى واشنطن في أوائل نيسان/ أبريل، للحصول على دعم أميركي في عدة قضايا، منها الحصول على ضوء أخضر لضرب منشآت إيران النووية، تمديد انتشار الجيش "الإسرائيلي" في جنوب لبنان والحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على السلع "الإسرائيلية".
لكن، الرئيس ترامب فاجأ نتنياهو بالإعلان عن مفاوضات مباشرة مع إيران، ولم يعفِ "إسرائيل" من الرسوم الجمركية، بل قال إن "إسرائيل" تحصل على الكثير من الأموال والمساعدات من الولايات المتحدة الأميركية.
في المقابل، غضّ ترامب النظر عن قيام نتنياهو بتعطيل الصفقة التي تمّ توقيعها حول غزة في آذار الماضي، وأعطاه الضوء الأخضر للقيام بالاعتداءات المتواصلة في لبنان، وحصل تعطيل أميركي – فرنسي للجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار، وتمّ السماح لنتنياهو بالعودة الى الحرب وتشديد الحصار التجويعي على أهل غزة.
يدرك ترامب حجم الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو من داخل ائتلافه الحاكم، حيث يطالب وزراء اليمين المتطرف بمواصلة العمليات العسكرية في غزة، ويعارضون أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو تبادل للأسرى لا يتماشى مع أجندتهم.
لكن الغرور "الإسرائيلي" فاق حدّه بالنسبة لترامب الذي لا يمكن أن يتسامح مع الفوقية التي يتعامل بها نتنياهو مع الرؤساء الأميركيين، خصوصاً باراك أوباما وجو بايدن، حيث حصلت سوابق لهذا السلوك في الكونغرس، إذ أتى نتنياهو وتحدى الرئيس الأميركي في عقر داره.
وهكذا، وجّه ترامب رسائل عدّة تحذيرية لنتنياهو، منها إقالة مستشار الأمن القومي مايكل والتز، المعروف بدعمه لنتنياهو، والذي سوّق له وجهة نظره حول ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإيران داخل البيت الأبيض. أضف الى ذلك، الإعلان عن تهدئة أميركية – يمنية، حيث أعرب مسؤولون "إسرائيليون" عن "صدمة مزدوجة" لعدم إبلاغهم مسبقًا بالاتفاق، ولعدم إدراج "إسرائيل" من ضمنه.
وعليه، ماذا يمكن ان تكون أهداف ترامب من هذه الرسائل التحذيرية؟ وأين حدودها؟
1- في البداية، سمح ترامب لنتنياهو بتقويض الاتفاق الذي تمّ التوصل اليه مع حماس في غزة، لأنه يريد أن يتفرغ لحربه مع أجنحة وازنة من الدولة العميقة، بالتالي هو لا يريد أن يصطدم باللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.
لكن أتيحت لترامب الفرصة لتوجيه رسائل قاسية لنتنياهو، بعدما بلغ الانقسام داخل "إسرائيل" حداً غير مسبوق، وانعكس هذا الانقسام على مؤيدي "إسرائيل" في الولايات المتحدة، حيث يعتقد كثيرون من اليهود الأميركيين وأقطاب الحزب الجمهوري المؤيدين "لإسرائيل" أن نتنياهو واليمين يضرّون بأمن ومصالح "إسرائيل" الاستراتيجية لأجل مصالحهم الشخصية.
- الثاني، يستفيد ترامب من قيام "اسرائيل" بإضعاف القوى الأخرى في الشرق الأوسط، لتحقيق تفوق أميركي - "اسرائيلي". وعليه، يمكن لترامب أن يستخدم نتنياهو في هذه الفترة لإضعاف حلفاء إيران، ما يؤدي بالتالي الى إضعافها وقبولها بتقديم تنازلات في ملفها النووي.
- يعطي ترامب هامشاً لنتنياهو ليفعل ما يريد في هذه الفترة في الشرق الأوسط، لأن لديه أولويات شرق أوسطية ودولية أخرى، لكن ما ان يحين موضوع بحث "السلام" في الشرق الأوسط بحسب التصور الأميركي، فستكون الأولوية بالنسبة لترامب – ومعه مؤيدو "إسرائيل" في الولايات المتحدة - أمن واستقرار "إسرائيل"، على حساب نتنياهو ومجموعاته اليمينية المتطرفة.