أقلام الثبات
تأتي الذكرى 80 للنصر على النازية والعالم بأسره على فوهة بركان نشط من الحرب الروسية الاوكراني المستمرة للعام الثالث وصولا للعدوان الصهيوني على غزة ولبنان الى سيناريو حرب باكستانية هندية على وشك الاندلاع ، كل ذلك غير بعيد عن الازمات الاقتصادية العالمية التي اثارها الرئيس الامريكي دونالد ترامب عليه نقدم هذه القراءة لعلنا يظهر جانب من الرسائل المعلنة و الخفية التي اراد ارسالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للداخل والخارج
1. الذكرى كأداة سياسية:
- توظيف التاريخ: استغلت روسيا الذكرى الـ80 للنصر على النازية (2025) لتأكيد شرعيتها كـوريثة الاتحاد السوفييتي، وربط النصر التاريخي بالصراع الحالي في أوكرانيا (التي يصورها كـ"نازية جديدة").
- تجييش الذاكرة: تم تحويل الاحتفال إلى منصة لتعبئة الدعم الشعبي، عبر تذكير الروس بـ"البطولة السوفييتية" وضرورة تكرارها اليوم ضد "أعداء الوطن".
2. رسائل بوتين الاستراتيجية:
- الاستعداد العسكري: عرض أسلحة متطورة (صواريخ فرط صوتية، أنظمة دفاع جوي) كتذكير بـقدرة روسيا على الصمود رغم العقوبات.
- التحالفات الرمزية: مشاركة جنود من دول مثل بيلاروسيا والصين لإظهار أن روسيا ليست معزولة، رغم محدودية الدعم الفعلي لهذه الدول.
- الشرعية الأخلاقية: تصوير روسيا كـحامية للعالم من الفاشية، مع إسقاط هذه الصورة على سياساتها الحالية.
3. تحديات ما بعد الذكرى:
- الواقع الاقتصادي: العقوبات الغربية ونفقات الحرب تهدد القدرة على الحفاظ على مستوى المعيشة، مما قد يُضعف تأثير الخطاب الوطني.
- التصدعات الداخلية: تزايد الاستياء بين الأجيال الشابة (التي تريد مستقبلًا مختلفًا) ونخب الأعمال المتضررة من العزلة الدولية.
- الحرب في أوكرانيا: إذا طالت، قد تحوّل "أسطورة النصر" إلى عبء نفسي على الشعب الروسي.
4. رؤية "العصر الجديد" المزعوم:
- النظام العالمي المتعدد الأقطاب: ترويج روسيا لفكرة أن النظام الغربي آيل للسقوط، وأن التحالفات الجديدة (مثل بريكس) ستشكل المستقبل.
- التكنولوجيا كسلاح: التركيز على التطور العسكري (مسيّرات، أسلحة ذكية) لتعويض التفوق الاقتصادي الغربي.
- المخاطر: قد يكون هذا "العصر" مجرد وهم دعائي إذا فشلت روسيا في تقديم نموذج تنموي جذاب أو كسر العزلة الدولية.
5. الخلاصة: الذكرى كمرآة للمستقبل
- النجاحات: نجح الكرملين في تحويل الذكرى إلى أداة لتوحيد الداخلي وترهيب الخصوم.
- الفشل المحتمل: إذا لم تُترجم الرموز إلى إنجازات ملموسة (انتصار في أوكرانيا، تحسين الاقتصاد)، قد تتحول الذكرى إلى نصب تذكاري لانحسار النفوذ الروسي.
السؤال الجوهري
هل الذكرى الـ80 هي بداية عصر روسي جديد أم آخر أنفاس إمبراطورية تبحث عن شرعية؟
يرجح أن الإجابة تعتمد على قدرة روسيا على تجاوز تناقضاتها الداخلية قبل أن تنفد طاقة الرمزية التاريخية.
روسيا ما بعد الذكرى الـ80 للنصر على النازية - بين الرمزية والواقع
1. الذكرى كآلية للهيمنة السياسية
- توظيف السرد التاريخي: تحوّل "يوم النصر" من مناسبة تاريخية إلى أداة سياسية ديناميكية، حيث يعيد بوتين صياغة انتصار 1945 لخدمة أجندته الحالية. الفكرة الأساسية هي ربط النصر السوفييتي على النازية بالحرب في أوكرانيا، عبر تصوير الأخيرة كـ"امتداد للنضال ضد الفاشية".
- الهندسة الاجتماعية: يتم استخدام الاحتفال لتعزيز الهوية الوطنية الروسية الجمعية، مع التركيز على تضحيات الماضي لتبرير تضحيات الحاضر (مثل التعبئة العسكرية).
2. الرسائل الجيوستراتيجية الخفية
- إسقاط القوة الناعمة: عبر دعوة قوات من دول أفريقية وآسيوية (مثل مالي، لاوس)، تقدم روسيا نفسها كـبديل للغرب في العالم النامي، مستغلة الاستياء من الهيمنة الأوروبية-الأمريكية.
- الردع النفسي: عرض الصواريخ "أفانجارد" أو "كينجال" ليس فقط للتذكير بالقدرات العسكرية، بل لنشر رسالة مفادها أن روسيا قادرة على إلحاق أضرار غير مسبوقة بأعدائها حتى لو كانت ضعيفة اقتصاديًا.
- تفكيك الشرعية الغربية: من خلال مقارنة دعم الغرب لأوكرانيا بـ"دعم النازيين سابقًا"، تسعى موسكو إلى تقويض الموقف الأخلاقي للغرب في نظر شعوب العالم الثالث.
3. التناقضات الكامنة في المشروع الروسي
- الاقتصاد بمواجهة الطموحات الإمبراطورية:
- العقوبات الغربية قلصت الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 7% منذ 2022 (حسب صندوق النقد الدولي).
- الإنفاق العسكري يمثل 6% من الناتج المحلي (2024) – مستوى غير مستدام يشبه الاتحاد السوفييتي في سنوات أفوله.
- التحالفات الهشة:
- حتى الحلفاء التقليديون (كازاخستان، أرمينيا) يتجنبون دعم الحرب الأوكرانية علنًا.
- التعاون مع الصين يتسم بالتفاوت، حيث بكين تقدم دعماً اقتصادياً لكنها ترفض نقل أسلحة متطورة لروسيا.
4. مستقبل روسيا:
هناك 3 سيناريوهات محتملة
- (1) انتصار رمزي:
- إذا نجحت روسيا في "تجميد" الحرب لصالحها واحتفظت بأراضٍ محتلة، قد تُستخدم الذكرى الـ80 كـنقطة تحول لترسيخ السيطرة على المناطق المتنازع عليها، مع تعويض الخسائر الاقتصادية عبر شراكات غير غربية (مثل زيادة بيع النفط للهند والصين).
- (2) التدهور البطيء:
- في حال استمرار الحرب لسنوات، قد يؤدي استنزاف الموارد إلى تآكل شرعية النظام، خاصة مع تزايد الاحتجاجات الداخلية كما حدث في تمرد "فاغنر" 2023.
- (3) التحول الجذري:
- قد تضطر روسيا إلى إعادة تعريف هويتها بعد بوتين، بالابتعاد عن النموذج الإمبراطوري نحو دولة أكثر انكفاءً، مع الحفاظ على ترسانة نووية كضمانة للأمن.
5. الخلاصة: الذكرى ككاشف للأزمات
الذكرى الـ80 ليست مجرد احتفال بالماضي، بل مرآة عاكسة لأزمات روسيا الحالية:
- نجاحاتها: تحويل الذكرى إلى أداة لتعبئة الداخل وإرباك الخصوم عبر الدعاية.
- إخفاقاتها: العجز عن تقديم نموذج تنموي جذاب يعوض عن العزلة الدولية.
السؤال الأعمق: هل يمكن بناء "عصر جديد" على أساس الرمزية وحدها؟ التاريخ يشير إلى أن الإمبراطوريات تحتاج أكثر من الاستعراضات العسكرية لضمان بقائها – تحتاج إلى قوة اقتصادية وشرعية أيديولوجية. روسيا اليوم تفتقر إلى كليهما بشكل متزايد.
روسيا ما بعد الذكرى 80 للنصر على النازية .. تحليل للرسائل الرئيسية والتوجهات المستقبلية _ حمزة حسين
الإثنين 12 أيار , 2025 08:20 توقيت بيروت
أقلام الثبات

