أقلام الثبات
بعد الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1978 وصدور القرار الدولي 425، ومن ضمنه نشر قوات دولية، لتأمين انسحاب القوات "الإسرائيلية" وحماية لبنان، لكنها لم تستطع تنفيذه طوال 22 عاماً ولم تمنع الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982، الذي شرح الناطق باسم القوات الدولية تيمور غوكسيل دور القوات الدولية بأنها قامت بتعداد الدبابات والمدرعات "الإسرائيلية" التي تدخل الى لبنان!
لم تمنع القوات الدولية الاجتياحات والاعتداءات "الإسرائيلية" ولم تسمح للمدنيين باللجوء الى مراكزها ولم تمنع مجزرة "قانا"، بل لعبت دور الجهاز الأمني التنفيذي، للجيش "الاسرائيلي"، مستفيدة من التسهيلات الشرعية والأهلية، للتجول والمراقبة ،لكنها بدل أن تراقب المعتدين "الإسرائيليين"، صارت عيون "إسرائيل" وآذانها في الجنوب اللبناني لمراقبة المقاومين والأهالي وصولاً لممارسة عمل غير أخلاقي، يشبه أعمال الاحتلال وأولاد الشوارع؛ بنزع صور الشهداء المقاومين ورميها في مكبات النفايات!
هذا العمل الحقير الذي ارتكبته قوات البوليس الدولي في الجنوب يبدو عند البعض تفصيلاً بسيطاً، لا ضرورة للتوقف عنده، وهذا خطأ وخطيئة كبرى ،لأنه يمس المشاعر والتاريخ والشرف ويمثّل اعتداءً صارخاً على كل أم شهيد واغتصاب لحزنها وعلى المجتمع المقاوم، فالصور والأعلام ليست سلاحاً ثقيلاً يهدد العدو "الإسرائيلي"، ولا يشمله القرار 1701، لكنه اعتداء ومحاولة إذلال وإهانة، وحرب نفسية ضد المقاومين وأهلهم واذا سكت أهل المقاومة عن هذا التصرف الأرعن،، فلينتظروا نبش قبور شهدائهم ومنع مجالس العزاء التي تحرّض على الثورة ومقاومة العدو.
إن واجب وزراء ونواب وأحزاب قوى المقاومة ،المبادرة لمطالبة الدولة اللبنانية وإثارة الموضوع في مجلس النواب والحكومة ،لرفع شكوى لمجلس الأمن وللقوات الدولية، بضرورة الالتزام بالقوانين وعدم تجاوز صلاحيتها وعدم التعامل مع أهل الجنوب كعبيد ورقيق او أسرى ومعتقلين وإذا قصّرت الدولة ،فليبادر الأهالي الدفاع عن أنفسهم وعن شرفهم وكرامتهم وشهدائهم بيدهم، دون خوف او تردّد.
إن قوات البوليس الدولي، لا تقدّم أي نفعٍ او مساعدة للبنان وشعبه، بل تسخّر كل أعمالها ودورياتها في خدمه المحتلين وتفتش الأودية والتلال وفق ما تطلبه "اسرائيل" التي تأمرها وتستخدمها ،كدوريات ،لتفتيش مناطق لا تستطيع "إسرائيل" الوصول اليها .
ان طلب التجديد، لقوات البوليس الدولي ،يشكّل إعانة ومساندة للعدو "الإسرائيلي" ما بقيت هذه القوات لا تستطيع منع اجتياح او قصف او إزالة حاجز "اسرائيلي" او اجباره على الانسحاب من لبنان والأكثر سوءاً ما تطالب به "إسرائيل" بوجوب توسعة صلاحيات القوات الدولية عبر المراقبة الجوية وان تشمل صلاحياتها كل الأراضي اللبنانية وصلاحية طلب الدعم من دول أجنبية عبر مجلس الأمن الدولي، لتكون نسخة عن التحالف الدولي ضد العراق حتى لا تتحمل "اسرائيل" خسائر حرب نزع سلاح المقاومة.
تاريخ "قوات البوليس" الدولية في لبنان لا يُشجّع ولا يُوجب طلب التمديد، طالما تتصرّف كقوات بديلة عن الاحتلال "الاسرائيلي"، مع تغيير لون الآليات واللباس والقبعّات التي تشترك مع العلم "الإسرائيلي" باللونين الأزرق والأبيض.
لم تستطع قوات البوليس الدولي منع الاجتياحات والاعتداءات "الإسرائيلية"، وإن لم تستطع فرض الانسحاب "الإسرائيلي"، وإن لم تستطع حماية وعودة المدنيين اللبنانيين الى قراهم، لكنها تستطيع مطاردة المقاومين الأحياء والمقاومين الشهداء عبر نزع صورهم... فما الجدوى من بقائها والتمديد لها وتوسعة صلاحياتها؟
يبدو أن التمديد للقوات الدولية وتوسعة صلاحياتها قرار أميركي - "إسرائيلي" سَيُفرض على الدولة اللبنانية، وستقوم أميركا بتوسعة الصلاحيات والمهمّات وفق المصلحة "الإسرائيلية"، التي تتناقض مع مصلحة لبنان وشعبه.
إن الصمت عن ممارسات قوات البوليس الدولي ستشجّع قيادته وعناصره على التجاوز والاعتداء أكثر، وسيشجّع أميركا و"إسرائيل" على توسعة الصلاحيات وخداعنا بأن "الذئب" المتعدّد الجنسيات الذي يلبس "الأبيض" سيحمينا من الذئب "الإسرائيلي"، وكلاهما يأتمر بقرار الثعلب الأميركي الذي يريد اغتصاب "ليلى الجنوب".
لمطالبة قوات البوليس الدولي لإصدار بيان اعتذار رسمي عن تجاوزاتها بتمزيق صور الشهداء.
هل تحوّلت قوات "البوليس" الدولي إلى فرقة إسناد "لإسرائيل"؟ ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 09 أيار , 2025 12:20 توقيت بيروت
أقلام الثبات

