الخليج يستقبل ترامب بشعار "انتهى زمن شحَّدني وأنا سِيدَك" _ أمين أبوراشد

الخميس 08 أيار , 2025 07:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارة خليجية تشمل السعودية وقطر والإمارات في الثالث عشر من أيار مايو الجاري، وهي الزيارة الرسمية الأولى له خارج بلاده (زيارته الى الفاتيكان كانت حصراً للمشاركة في جنازة البابا). تحديد السعودية وجهةً أولى له ليست لتوقيع صفقات استثمارات مع المملكة من المنطلق القائل "شحِّدني وأنا سِيدَك"، ومقولة "أميركا تحمي العرش ولولاها يسقط في أسابيع"، التي كان يرددها في ولايته السابقة على مسمع من الملك سلمان بن عبد العزيز قد انتهت إلى غير رجعة، لأن أميركا باتت تحتاج إلى المملكة وليس العكس، و"البُعبع الإيراني" الذي كانت تخيف به دول الخليج لتسويق أسلحتها بمئات مليارات الدولارات، بات على وفاق مع السعودية وشقيقاتها من دول الخليج، وكل الأنظمة الخليجية تبدو ثابتة على عروشها، ولا تنتظر حماية من رئيس لا يُعمِّر أكثر من أربع إلى ثماني سنوات في البيت الأبيض.

يحضر ترامب إلى الدول الثلاث لأنه يحتاج الدول الثلاث ولا تحتاجه، ويأتيها حاملاً على منكبيه إرث ورطة السياسة الداخلية التي رفعت نسبة الأميركيين غير الراضين عن أول مئة يوم من حكمه إلى 67%، إضافة الى السياسة الخارجية المترددة مع الصين وكندا والمكسيك، وخيبة وعوده الانتخابية بوقف الحرب في أوكرانيا وغزة فور وصوله إلى البيت الأبيض.

- ترامب يحتاج السعودية ولا تحتاجه، لأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قرر الانتقال ببلاده إلى نهضة 2030 منذ الآن، وأعلن انفتاحاً غير مسبوق في النمط الحياتي لشعبه، ورمم العلاقات الخليجية، خصوصاً مع قطر، وتوافق مع إيران على خليج آمن، ونسج علاقات متينة مع روسيا والصين وكافة البلدان الأوروبية، ويهيئ المملكة لتكون جديرة باستقبال كأس العالم 2034، دون أن يغفل أن مرمى كرة القدم لا يعني الغياب عن حماية المرمى السياسي الإقليمي، المتمثل بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، قبل البحث بأي تطبيع يسعى إليه ترامب. 

- وترامب يحتاج قطر ولا تحتاجه، لأنها تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية خارج أميركا، ولأنها مع مصر تُمسِك بملف المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"، وفي "قبضتها" حياة رهائن تترك للمقاومة الفلسطينية القرار بشأنهم في ما يُرضي هذه المقاومة، لاسيما أن بين هؤلاء الرهائن من يحملون الجنسية الأميركية، أو من مزدوجي الجنسية.

- وترامب يحتاج الإمارات ولا تحتاجه، لأن العاصمة أبو ظبي تحتضن "البيت الإبراهيمي" ومركز تلاقي دُعاة وحدة "الديانات الإبراهيمية"، التي تقوم على أساسها لعبة التطبيع التي تحلم بها "إسرائيل"، ويعمل عليها ترامب لتحقيق السلام المستحيل، ما دامت دولة فلسطين غير قائمة، والمواقف الخليجية استبقت وصوله، وأكدت ألا تطبيع قبل نيل الفلسطينيين حقوقهم، حتى أن الإمارات أكدت عدم ممانعتها المشاركة في حماية أمن غزة، شرط أن تكون السلطة الفلسطينية حاضرة في إدارتها.

هذه هي الأجواء المحيطة بزيارة ترامب إلى الخليج، في محاولة منه لتحقيق خطوة إيجابية تُكتب له بعد مسلسل خيباته، ولعل غزة كانت الحلقة الأولى في هذا المسلسل؛ عندما رفضت المقاومة الفلسطينية ومعها الأردن ومصر خطته لتهجير الغزيِّين بذريعة إعادة الإعمار، وتستمر هذه المقاومة بالصمود ولو باللحم الحيّ، وما على ترامب سوى البحث عن "اليوم التالي" لإسرائيل بعد مجازرها في فلسطين ولبنان وسورية واليمن، و"إسرائيل الكبرى" لا إمكانية لقيامها رغم العدوان والتوسع، لأن هناك سبعة ملايين قلب فلسطيني نابض في الداخل المحتل، ليسوا على استعداد لزراعة قلوب اصطناعية والانتقال الى أوطان مُصطنَعة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل