هل تكون باكستان أول وآخر دولة إسلامية نووية؟ ــ د. نسيب حطيط

الخميس 08 أيار , 2025 10:04 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
انسحبت بريطانيا من الهند وأنهت استعمارها، لكنها  زرعت بذور الخلاف الذي أنتج تقسيم الهند وولادة دولة باكستان الإسلامية، وتركت - كعادة المستعمرين - قنابل طائفية وجغرافية وقومية موقوتة في الدول التي يضطرون لإنهاء  استعمارهم لها،  فتركوا بين الهند العلمانية وباكستان الإسلامية إقليم كشمير الذي تسكنه أغلبية إسلامية، ويجاور الصين، بمنزلة  "صاعق تفجير" بين الدولتين، لمنع السلام بينهما، وابقائه عامل تفجير واستنزاف للدولتين، ولتثبيت حالة العداء الدائمة واستحالة الصداقة والتعاون، ثم تم تقسيم باكستان واستيلاد دولة بنغلاديش، فصارت الهند بعد انسحاب بريطانيا ثلاثة دول، مع إقليم متفجّر دائم يسمى كشمير.
كانت باكستان أول دولة إسلامية تستطيع تصنيع القنبلة النووية عام ١٩٩٨ ، بعد خسارتها للحرب وانفصال بنغلادش عنها، وذلك لإحداث التوازن والردع النووي مع الهند، وتم اتهام باكستان بمساعدة إيران وليبيا وكوريا الشمالية في برامجهم النووية.
إن مشروع نزع السلاح "بالتدنير او التسليم" والذي تقوده أميركا، ليس مشروعاً خاصاً بالشرق الأوسط، ولا ينحصر بالدول المجاورة لفلسطين المحتلة، وفي مقدمته سلاح المقاومة في لبنان، بعد تدمير غزة، بما فيها من بشر وحجر وسلاح، ويتم التخطيط لتهجير ما تبقى فيها من الأحياء، وبعد تدمير الترسانة العسكرية السورية، ومراكز الأبحاث وكل مراكز القوةالعلمية، ومنذ اكثر من 10 سنوات تحاول أميركا والدول الغربية منع ايران من امتلاك السلاح النووي او القدرة النووية السلمية، وتم توقيع الاتفاق النووي (الذي انسحبت منه أميركا) وفق معادلة تنازل إيران عن برنامجها النووي وتفكيكه، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والسياسية، ورد الأموال المصادرة في البنوك الأميركية والغربية.
تجرأ  الرئيس الليبي المقتول معمر القذافي وبدأ بتصنيع "سلاح نووي"، بمساعدة العالم الباكستاني عبد القدير خان، لكنه تراجع نتيجة الضغوط الأميركية ومحاولته استرضاء أميركا، فوافق على تفكيك مشروعه النووي وسلّم أميركا كل المصانع والمختبرات والأجهزة في العام 2004 ونقلتهم بالطائرات الى أراضيها، ومع ذلك قتله التحالف الغربي في العام 2011 ،بعدما تنازل عن سلاحه وأوراق القوة واعتمد على الضمانات الأميركية.
ان الاستراتيجية الأميركية، والتي يؤيدها العالم الغربي وتساهم "اسرائيل" في تنفيذها، كذراع عسكري، يعمل بقرار أميركي، يهدف لنزع كل أوراق القوة من أيدي أي دولة او حركة مقاومة في العالم تعارض السيطرة الأميركية، وتحاول حماية ثرواتها الوطنية واستقلالها وعقيدتها ودينها وهويتها الحضارية وذاكرتها التاريخية .
تمنع اميركا ،بالقوة والترهيب والحصار الاقتصادي ،أي دولة او جماعة من امتلاك السلاح الذي يهدّد مشاريعها ومصالحها وتفرض تسليمه، مقابل وعود وهمية فارغة، بالرفاهية الاقتصادية والأمان الاجتماعي، سواء بالقوة عبر الغزو والقصف والحصار، وسواء كان السلاح ثقيلاً او نووياً او  سلاح دمار شمل ، فإن هذه الأسلحة حكرٌ على أميركا و"اسرائيل" والدول الغربية، او التي تعلن تبعيتها وولاءها لأميركا ومسموحٌ لدول العالم الثالث وما دون امتلاك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والسكاكين اللازمة ،للحروب الأهلية او القومية او الدينية لإنهاك الدول والمجتمعات التي تواجه المشروع الأميركي، للسيطرة على العالم وقيادته دون شراكة مع أحد وإعادة نظام "الرق" والإستعباد مع تغيير في صفات ومراتب "العبيد" وعدم اقتصاره على العبيد المساكين الفقراء في غابات إفريقيا ،بل يمكن ان يكون العبيد "رؤساء وملوك وأمراء ومشايخ ومطارنة" وربما علماء ورجال أعمال.
بالتزامن مع المفاوضات النووية بين أميركا وإيران ،لتفكيك  المشروع النووي الإيراني (غير العسكري)  ، أشعل الغرب الصراع الحرب بين الهند وباكستان لتحقيق الاهداف التالية:
- إنهاك دولتين قويتين "الهند وباكستان" وإستنزاف قواهم العسكرية والإقتصادية وسيدعم الهند لإنهاء وتفكيك البرنامج النووي الباكستاني (التي لن يشفع لها تعاونها مع أميركا) ،لمنع العالم الإسلامي، مهما كانت سياسات أنظمته.
- "التحرّش"وإستفزاز الصين انطلاقاً من إقليم "كشمير" الذي يتوسّط (الهند وباكستان والصين) مما سيجعله "ثغرة" في الجدار الصيني ،لتستخدمه أميركا، للعبث بالداخل الصيني عبر دعم جماعة "الإيغور المسلمين التكفيريين"  الذين قاتلوا في سوريا وستدعمهم، بالجماعات التكفيرية التي تضغط أميركا على "الجولاني"  لطردهم من سوريا.
لن تبقي امريكا سلاحاً نووياً بيد المسلمين او اي دولة تهدّدها او خارج سيطرتها.
لن تبقي اميركا جغرافيا أي دوله كبرى موحّدة، بل ستعمل على تقسيمها.
لن تترك أميركا ثروات العالم لشعوبها، بل في خزائنها.
تقضم أميركا العالم قطعة... قطعة، دون ان يتحدّ المهدّدون والمتضررون والمظلومون الذين إذا تضامنوا وتحالفوا لاستطاعوا حماية حقوقهم وهزيمة أميركا...
لازال العقل الأميركي - الغربي ينتصر على الأعداد البشرية، ويقسّم الجغرافيا الواسعة ويُسقط الأنظمة، ولا زلنا نُذبح شعباً بعد الآخر...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل