خاص الثبات
الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون… ضمير أمة تُعاقَب لأنها لا تخون ..
في زمنٍ عزّت فيه الكلمة الصادقة، وارتفع فيه صوت الدولار على صوت الضمير، وقف الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون، مفتي الجمهورية العربية السورية الأسبق، ثابتًا كجبل قاسيون، لا تزعزعه رياح الفتنة ولا تغريه صفقات الخيانة. لم يكن مجرد عالم دين، بل كان ضمير أمة، وداعية وحدة، وصوتًا نقيًّا يعلو فوق الطوائف والحدود.
في لحظة تاريخية نادرة، خطب المفتي حسون تحت قبة البرلمان الأوروبي، فسحر القلوب بعقله وفصاحته وسعة صدره، فشهد له العالم بأنه قدّم وجه الإسلام الحقيقي، إسلام محمد ﷺ، لا إسلام القتل والفتاوى المعلّبة التي روّجت لها الوهابية والداعشية. رأى فيه الغرب وجهًا مختلفًا، مُضيئًا، حقيقيًّا، فخافت منه غرف الظلام، وتآمرت عليه قوى الشر.
حين عُرضت عليه ملايين الدولارات من دولة قطر مقابل انشقاقه عن وطنه، ردّ بكلمة واحدة: «سوريا أمي، وهل يبيع الإنسان أمه؟». كانت كلمته تلك إعلانًا بالرفض الصارم، فكان الرد قطريًّا على طريقة المافيات: قتلوا فلذة كبده، نجله سارية، بدمٍ بارد، ظنًّا أن الجرح قد يُلين قلبه ويُقنعه بالخنوع. لكنه، بدلًا من أن يركع، وقف شامخًا وطالب بالعفو عن القتلة، لأن مشروعه لم يكن انتقامًا بل إصلاحًا.
ومن هناك، من تلك اللحظة، صدر القرار في أقبية الإعلام القطري، وفي غرف الجزيرة السوداء: يجب شيطنة المفتي حسون. وأُطلق عليه مصطلح "مفتي البراميل"، ليصبح هدفًا لحملات التشويه والتحريض. وتلقفت مجاميع الجولاني التكفيرية هذا اللقب، وسارت به لتغتال شخصية كانت الأمل في جمع الصف وتضميد الجراح.
واليوم، وبينما يسكت العالم، وتغيب البيانات، ويصمّ الأزهر ومراجع أهل السنّة آذانهم، نسأل: أين الشيخ أحمد بدر الدين حسون؟
هل لا يزال حيًّا يُعذّب في أقبية الظلام؟ أم ارتقى شهيدًا تحت التعذيب، وهو الذي لم يسجد لغير الله، ولم يبع دينه بوعد ولا بوعيد؟
المسؤول اليوم عن مصيره ليس فقط الجولاني وأدواته، بل من حرّضه وموّله ووجّهه، من قطر وتركيا، ومن دعمهم من دوائر مشبوهة. على أمير قطر ووالده أن يُحاسبوا أمام ضمير الأمة والتاريخ كمجرمي فتنة وسفك دماء.
نناشد الأزهر الشريف، وندعو كل مرجعية سُنيّة، وكل إنسان حر، أن يتّقوا الله ويقولوا كلمة حق في رجلٍ لم يتاجر بالدين، بل رفع رايته خفّاقة فوق الطوائف والمذاهب.
لن نسكت.
ولن تُغتال الكلمة كما اُغتيل أبناؤه وأحباؤه.
ولن يُدفن النور ما دام في الأمة من يقول: الحق أبلج، والباطل لجلج.