أقلام الثبات
منذ انتصار الثورة الإسلامية قبل 40 عاماً، احتشد العرب - بطلب أميركي - ضد إيران، فشن صدام حسين حربه ضد إيران، بحجّة استرداد أراض عراقية تنازل عنها "للشاه" في اتفاقية الجزائر، وقد موّل العرب هذه الحرب، واحتشد الملوك والرؤساء والأمراء والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ووسائل الاعلام، وفتاوى علماء السلطة، للتحذير من "المشروع الفارسي" الذي يهدّد العرب، ثم التحذير من "الهلال الشيعي"، وسخّرت أميركا الأنظمة والجماعات التكفيرية لشن هجوم شامل على العراق بعد إسقاط صدام ضد "النظام الشيعي" (وفق وصفهم )، مع انه بشراكة مع السنّة والأكراد، فصدّروا للعراق آلاف الانتحاريين العرب، ثم حاولوا احتلاله وتقسيمه بعد غزوة " داعش" عام 2014!
احتشد العرب في مؤتمراتهم وحكوماتهم ضد الاحتلال الإيراني في لبنان وسوريا والعراق واليمن وهم يعرفون ان لا احتلالاً إيرانياً لأي أرض عربية، بينما تحتل تركيا شمال سوريا وجزءاً من العراق، وتتدخل في ليبيا، ودعمت "الإخوان" لاستلام الحكم في مصر، واحتلت سوريا التي تديرها بواسطة حكومة شكلية ووهمية، ورئيس ينفذ الأوامر التركية، ومع ذلك لم يجرؤ أي زعيم عربي ان يصرّح ضد تركيا ،خوفاً منها كدولة لا يستطيع حشد جمهوره مذهبياً ضدها، وخوفاً من أميركا التي تأمر الطرفين .
يعلو الصراخ العربي ضد الاحتلال الايراني والإرهاب والنووي الإيراني، ويبتلع العرب السنتهم، ويساعدون العدو "الإسرائيلي" لاحتلال أراضٍ عربية ولتصفية القضية الفلسطينية، ويؤمنون له الغطاء السياسي والديني لإبادة غزة وتهجيرها، ولا يعارضون النووي "الإسرائيلي"، الذي سبق النووي الإيراني قبل خمسين عاماً، ويعلنون تحالفهم مع العدو "الإسرائيلي" والاستعداد للتخلي عن الإسلام، لصالح الديانة الإبراهيمية الصهيونية الماسونية...
لا يتحدث الرؤساء والملوك والأمراء العرب عن مشروع "إسرائيل الكبرى" ولا يعارضون مشروع "نتنياهو" لتغيير معالم الشرق الأوسط وكذلك المشروع الأميركي ويغمضون أعينهم عن كل التدخلات والغزو والاحتلال وفرض القرارات الأميركية_ الإسرائيلية ثم يصرخون...لا للمشروع الفارسي.. ولا للاحتلال الإيراني... ولا للتمدّد الشيعي!
صادرت تركيا وإسرائيل القرار العربي في فلسطين وسوريا وتحضران، لاحتلال لبنان وإخراج العرب منه، وتوزيع الأدوار عبر الهجوم التركي من الشمال والشرق ،انطلاقاً من سوريا والهجوم البري الإسرائيلي، من الجنوب اللبناني والجنوب السوري ويصمت العرب ويشجعون هذا التدخل ويصرخون بضرورة نزع سلاح المقاومة وتفكيك بناها المالية والإعلامية والعسكرية، لتسهيل الانتصار "الإسرائيلي"، ولتقليل الخسائر في صفوفه.
لا تختلف أغلب الأنظمة العربية، عن السلطة الفلسطينية وعن حكومة "الجولاني" ،فكلها أنظمة وظيفية ، تؤدي نفس الدور والمهمة بهدف ،محاصرة أي حركة مقاومة او موقف مقاوم يعارض ويهدّد المشروع الأميركي - "الإسرائيلي"، وتتغيّر عناوين مبرّرات هجومهم وفق هوية حركة المقاومة، فإذا كانت شيعية يتّهمونها بالكفر وسب الصحابة ويحشدون الأتباع الرعاع ضدها مذهبياً، لقطع رأسها، وإذا كانت حركة مقاومة" سنيّة" أتهموها بالتمرد على أولي الأمر والتحالف مع الروافض الكفّار ويحتشدون لقطع رأسها ،كما في غزة وإذا كانت حركة مقاومة يسارية او شيوعية او قومية ،اتهموها بالكفر والإلحاد والردّة وعملوا لقطع رأسها وهم كَذَبة منافقون، لا يعملون في سبيل الله سبحانه بل يعملون في سبيل" ألههم " أميركا ونبيّهم إسرائيل!
تستمر تركيا في مشروعها، لتفكيك ما تبقى من العرب ومحو الهوية العربية وإنهاء القضية الفلسطينية وهي التي استعمرت العرب حوالي 400 عام وشنقت من قاومها وأحرقت المكاتب واعتقلت الشباب للتجنيد الاجباري بما عرف "سفر برلك" في حروبها العالمية ولم تحترم العرب يوماً ولم تعطهم أي أهمية وأخرجها الفرنسيون والإنكليز بعد الحرب العالمية الأولى ،ويتحالف الآن الغرور والثأر والطمع التركي مع الغرور والتوسّع "الإسرائيلي" بقيادة أميركا التي تأمر العرب بشتم إيران وتحشيد القوى الدينية والعسكرية والإعلامية ضدها، للتغطية على التوسّع "الإسرائيلي" - التركي.
تتحضّر تركيا، لمساعدة إسرائيل في لبنان عبر الجماعات التكفيرية والنازحين السوريين وبعض الفلسطينيين مما يفرض على قوى المقاومة الوطنية الاستعداد لمواجهة هذا الحراك الذي يمكن ان يسبق او يتلازم مع التهديدات "الإسرائيلية" باجتياح بري ،بالتكامل مع حرب جوية لم تتوقف من الجانب "الإسرائيلي" ومن بعض اللبنانيين الرسميين والحزبيين والطائفيين...
"إسرائيل" تحتل القدس وتبيد غزة، وتحتل وتقصف لبنان وسوريا بالشراكة مع تركيا... والعرب يشتمون إيران ويدعون لمواجهة "المشروع الفارسي"!
الصمت العربي ضد تركيا و"إسرائيل"... والصراخ ضد إيران ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 02 أيار , 2025 10:18 توقيت بيروت
أقلام الثبات

