الشرع يسعى لتطبيع مخالف للطبيعة! _ أمين أبوراشد

الإثنين 28 نيسان , 2025 09:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

خلال عمليات الزحف على المحافظات السورية، ترددت صيحات "هيئة تحرير الشام" ومعها بعض الفصائل، أنها لن تكتفي بالوصول إلى دمشق، بل إكمال الطريق نحو القدس والصلاة في المسجد الأقصى.
وبعد نحو أربعة أشهر من دخوله دمشق، وجد الرئيس أحمد الشرع نفسه يصلِّي عيد الفطر في مسجد مستحدَث داخل قصر الشعب لأسباب أمنية، ويبدو أن كل ما هو خارج أسوار هذا القصر بات خارجاً عن السيطرة في سورية.

وإذا كان من أبرز الشروط الأميركية على الشرع لرفع العقوبات جزئياً، طرد المسلحين الأجانب من سورية، وعدم تسليم قياداتهم أية مهام ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، فإن حمل العصا من المنتصف لا يفيده ولا يحمي حُكمه، وليس لديه جيش لمواجهة "جيش الفصائل"، بعد أن فرّط بالجيش العربي السوري، واعتقل الآلاف من العناصر الذين تقدموا بأوراق التسوية.
وحتى لو حاول الشرع المواجهة لطرد الأجانب، فإن حدود سورية مع العراق مغلقة بوجوههم، ومع الأردن موصدة، بعد قرار الحظر النهائي لجماعة "الإخوان المسلمين"، فيما تركيا التي ترعى "إخوان سورية"، ما زالت تحتاجهم داخل الحدود السورية "لتشغيلهم" عند الضرورة، كما حصل في منطقة الساحل على أيدي المتطرفين من "الجيش الوطني" المموَّل والمجهَّز من تركيا.

وإذا كانت كل الخطوات التي أقدم عليها الشرع لغاية الآن لا توحي بقدرته على بناء دولة، فإن أغربها على الإطلاق هو عرض التطبيع مع "إسرائيل" وبلاده في أضعف أوضاعها؛ سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياُ، ونقطة الضعف ليست فقط في إهمال احتواء الأقليات من علويين وأكراد ومسيحيين ووقف العدوان عليهم، بل في الغالبية السُّنية الرافضة له، والمصدومة بإسلامٍ من نوعٍ آخر؛ يحكمهم بعقليات متخلفة من ثقافات الإيغور والأوزبك والشيشان، فيما إسلام بلاد الشام كان لغاية الأمس القريب، مدرسة في التفاعل العفوي الحميم بين أطياف المجتمع السوري المتآلف.

وبصرف النظر عن خطيئة التطبيع مع كيان عنصري مجرم، يرى قادته كل جوار فلسطين المحتلة مباحاً لتوسيع رقعة "إسرائيل الكبرى"، فإن الرئيس أحمد الشرع لا يتمتع أصلاً بشرعية السير باتفاقيات ومعاهدات دولية، سواء جنح نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، أو ذهب نحو توقيع دفاع مشترك مع تركيا.

وعلى الحدود مع تركيا في شمال شرق سوريا، عُقِد منذ يومين "كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي" في مدينة القامشلي، بتغطية إعلامية واسعة من الصحافة العربية، وشهِد هذا "الكونفرانس" مشاركة أكثر من 400 شخصية من مختلف المناطق الكردية في سوريا وخارجها، بالإضافة إلى ممثلين عن أحزاب وقوى كردية وشخصيات سورية أخرى، وتم تبنّي رؤية سياسية كردية جامعة، تهدف إلى بناء سوريا جديدة ديمقراطية ولا مركزية، تضمن الحقوق القومية للشعب الكردي، وتحترم حقوق الإنسان والحريات العامة.
ودعا هذا "الكونفرانس" إلى اعتماد الرؤية الفدرالية كأساس للحوار الوطني بين القوى الكردية والإدارة الجديدة في دمشق وباقي القوى الوطنية السورية.

وبصرف النظر عن الموقف السلبي للرئيس أحمد الشرع من نتائج هذا المؤتمر، في ما اعتبره طرحاً تقسيمياً لسورية من جانب الأكراد، فإن سياسته هي التي قسَّمت سورية، بل مزقتها، وقد يحمل ما بقي من الدولة أشلاء إلى حيث يوقِّع وثيقة التطويع مع رجب طيب أردوغان شمالاً، أو اتفاقية التطبيع مع بنيامين نتانياهو جنوباً، ولكن لن يكون له ظهير وطني متماسك من الداخل السوري ذي الغالبية السُّنية التي ترفض قبل سواها هوية "الإسلام السياسي" التي نالها الشرع؛ من "القاعدة" و"داعش" و"النصرة"، حيث القتال مُتاح والقتل مُباح في ما عدا فلسطين والأراضي العربية المحتلة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل