لا تثقوا "برعاة البقر" .. فهم لا يبتسمون إلا حين يطوّقون أعناقكم بالحبال

السبت 26 نيسان , 2025 06:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في عالم تتقاذفه الصراعات، وتُدار فيه الحروب عن بُعد، لا بد من النظر بعينٍ ثاقبة إلى من يشعلون النيران بأيدٍ خفية، ويتظاهرون بإطفائها بأخرى. من هنا، تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كفاعل مركزي، لا في تحقيق السلام كما تزعم، بل في صناعة الفوضى وتغذيتها.

تاريخها يشهد، وأفعالها تكشف زيف ادعاءاتها، لذلك، فإن مبدأ عدم الثقة بأمريكا ليس موقفًا عاطفيًا، بل ضرورة استراتيجية، وتجربة تاريخية أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها السبيل إلى النجاة من الخديعة.

الكاوبوي لا يبتسم بلا مقابل

ثقافة "الكاوبوي" التي تغلغلت في السياسة الأمريكية تحمل في جوهرها ذهنية استعمارية: نحن الأقوى، نقرر من هو الجيد ومن هو السيئ، ومن يحق له أن يعيش أو يُباد.

هذه الذهنية لا تزال تتحكم في سلوك الإدارة الأمريكية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، لأن الثابت في السياسة الأمريكية ليس المبادئ، بل المصالح، وليس السعي للسلام، بل إدارة الصراع لتحقيق السيطرة.

أمريكا وصناعة الإرهاب

من الذي موّل وسلّح الجماعات التكفيرية؟ من الذي غضّ الطرف عن تمددها في أكثر من بقعة من العالم العربي؟ من الذي استغل خطاب مكافحة الإرهاب لتمزيق الدول وتقسيم المجتمعات؟ الإجابة دائماً تعود إلى واشنطن. لقد أثبتت التجربة أن أمريكا لا تسعى إلى استئصال الإرهاب، بل إلى توظيفه كأداة ضغط وابتزاز سياسي. تارة لمحاصرة خصومها، وتارة لتبرير وجودها العسكري، وتارة لإعادة رسم خرائط المنطقة بما يتوافق مع مصالحها ومصالح حليفها الاستراتيجي: الكيان الصهيوني.

من أفغانستان إلى غزة: خيوط واحدة

في أفغانستان، دعمت واشنطن الجماعات المتطرفة في الثمانينات، ثم عادت لاحقًا لتحارب "الوحش" الذي صنعته. في العراق وسوريا، تركت الجماعات التكفيرية تنمو وتتمدّد، بينما كانت تراقب المشهد وتعيد حسابات مصالحها. وفي فلسطين، لا تحتاج أمريكا إلى أعذار: هي الشريك الكامل في الجريمة. بدعمها العسكري والسياسي المطلق لـ"إسرائيل"، تتحمل واشنطن مسؤولية مباشرة عن جرائم الإبادة التي تُرتكب اليوم في غزة والضفة. صواريخ تُطلق على الأطفال، وذخائر تُستخدم في قصف المستشفيات، كلّها إمّا صُنعت في أمريكا، أو صمتت عنها أمريكا.

الثقة بأمريكا مكلفة، وخسائر من جربها شاهدة. أما من تمسك بموقف الرفض، والتعامل مع أمريكا على حقيقتها، فقد حفظ قراره الوطني، وصان كرامته، ونجا من الوقوع في فخاخ الوعود الكاذبة. إنها ليست دعوة للعداء، بل دعوة للوعي. دعوة للتمييز بين الكلمات المدهونة بالعسل، والسياسات المغموسة بالدم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل