بيروت ليست لقمة سائغة .. أعيدوا الكلمة إلى مجلسها البلدي

الإثنين 14 نيسان , 2025 08:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في زمنٍ باتت فيه العواصم تُدار بالإرادة الشعبية، لا تزال بيروت، عاصمة لبنان وأيقونة التنوّع والحرية، تُختزل بقرار فرديّ صادر من مكتب المحافظ، فيما مجلسها البلديّ يقبع مهمّشًا، منزوع الصلاحيات، فاقدًا لسلطة القرار والتنفيذ.

إنها ليست مسألة "مناصفة" بين مسلم ومسيحي، المشكلة الحقيقية التي تحاول بعض القوى أن تخفيها بورقة الطائفية والمذهبية، تكمن في موقع القرار: من يحكم بيروت اليوم؟ ومن يتحمّل مسؤولية الخراب الإداري والإنمائي فيها؟

المجلس البلدي المغيّب: سلطة بلا صلاحيات

منذ سنوات، والمجلس البلدي في بيروت عاجز عن أداء دوره الطبيعي، لا لأن أعضاءه لا يريدون العمل، بل لأن القانون سلَخ عنه كل أدوات الفعل، وجعل القرار التنفيذي بيد المحافظ وحده.

مجلس بلا صلاحيات، أشبه بجسم بلا روح، يُستدعى للجلوس والتصوير والتصويت، لكنّه لا يملك قدرة الإنفاذ.

هكذا تُدار بلدية العاصمة اليوم، في مخالفة صارخة لمفهوم اللامركزية الإدارية، وفي استهتار كامل بحقوق أبناء بيروت.

خديعة المناصفة... ومحاصصة لا تُنتج إلا الخراب

تحت شعار "المناصفة"، تُفرض التحالفات الهجينة، وتُرسم اللوائح على قياس المصالح، لا على قاعدة الكفاءة ولا الخدمة العامة.

والهدف الحقيقي ليس المناصفة بل المحاصصة، وليس الوحدة بل السيطرة على قرار العاصمة وأهلها. يريدون من البيروتيين أن يصفّقوا لتحالفات لا تشبههم، ولا تمثلهم، وتحرمهم حتى من حقهم في محاسبة من يُفترض أن يخدمهم.

وهنا تبرز المفارقة الكبرى: كيف يُمكن محاسبة مجلس بلدي لا يمتلك القرار؟ كيف يمكن تحميله مسؤولية التدهور في البنية التحتية، أو فوضى السير، أو التردي البيئي، أو حتى انهيار الأرصفة، إذا كان القرار التنفيذي الوحيد بيد المحافظ؟

المطلوب: بلدية قوية... تحكم لا تُحكم

إن إنصاف بيروت لا يكون إلا بإعادة الصلاحيات إلى مجلسها البلدي، وبتفعيل دوره كسلطة محليّة قادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه، كما نصّت المادة 114 من قانون البلديات في عهد الرئيس فؤاد شهاب.

تلك المادة التي أُقصيت بهدوء، كانت تنص بوضوح: إذا امتنع المحافظ عن تنفيذ قرارات المجلس، تنتقل الصلاحيات إلى رئيس البلدية. بهذا فقط يُمكن استعادة هيبة المجلس وموقعه الطبيعي.

اليوم، لا مجال لمزيد من التلاعب. الوقت لا يسمح بإجراء تعديلات جوهرية في قانون البلديات، لكن يمكن للحكومة، أن تصدر مرسومًا اشتراعيًا يعيد هذه المادة إلى الحياة، ويرسلها إلى مجلس النواب لإقرارها في جلسة واحدة، لتعود بيروت إلى أهلها.

أعيدوا القرار إلى المجلس البلديّ، ليُصبح سيد نفسه، كما كانت بيروت دائمًا: سيّدة قرارها، حرة في اختياراتها، عصيّة على الكسر والارتهان.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل