لبنان.. إدخال جرثومة "الجنس الثالث" إلى حَرَم المدارس _ أمين أبوراشد

الخميس 10 نيسان , 2025 08:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما قرأنا السِّير الذاتية لوزراء حكومة الرئيس نواف سلام، توقَّعنا من وزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي أن تبادر على أقل تقدير في بداية مسيرتها الحكومية، إلى استبيان إمكانية إضافة مادة الذكاء الاصطناعي (AI) إلى مناهج المدارس الرسمية، والمرحلة الدراسية المناسبة للطلاب لتلقِّي هذه المادة نظرياً وتطبيقياً، لكننا فوجئنا باستمارة استبيان أصدرتها الوزيرة كرامي حول "الجنس الثالث" للطالب، الذي يعتبر نفسه جندرياً، لا ذكر ولا أنثى.

وإننا إذ نُقدِّر سحب هذه الاستمارة من التداول، واعتراف الوزيرة أنها كانت خلف فكرة إصدارها، فإن هذه الاستمارة كارثة على المستوى الإنساني والديني والاجتماعي والثقافي، سواء كان على الأهل إملاءها بما يعني نظرتهم إلى ولدهم، أو ملأها الطالب شخصياً، وبالتالي تصنيف نفسه جنسياً على مرأى من إدارة المدرسة والمعلم والناظر والطلاب؛ في أخطر عملية تسويق لما يُعرف بمجتمع "الميم".  

الغريب في فلسفة مجتمع "الميم"، هو تبرير حق الإشهار العلني في قولهم: "نحن لا ندمر المجتمع وإنما نسعى لبناء وطن، حيث كل فئة من فئاته قادرة أن تعيش بأمان تحت سقف القانون والدولة، ومنذ بدأ الحراك المثليّ في لبنان، تُوجَّه الى الشاذين اتهامات عدة بأنهم يقومون بتدمير المجتمع اللبناني ولكن، لم نسمع في مرة من المرات عن بلد دُمِّر لأنه تقبل الاختلاف، أو لأنه حارب التمييز ضد فئة معينة، ولكن بالمقابل سمعنا عن عدة دول تم تدميرها بسبب التطرف على أنواعه الديني والعنصري وغيره، كما أن هناك بلداناً أصابها الخراب من جراء رفض الآخر ومحاربته".

وهنا من حقنا طرح إمكانية قبول سكان مطلق بناية، أن يسكن الشاذون بين العائلات فيها، وكيفية التعامل مع مَن هو مقيت ويعتبر ظاهرة الشواذ حرية شخصية يجب على الآخرين قبولها.

قد سبق لمجموعات من مجتمع "الميم" في لبنان أن انتفضت ورفضت اعتبارها من الفئات المُهمًّشة، وصدر التقرير السنوي الأول في العام 2017 عن العام 2016، لمرصد انتهاكات حقوق الإنسان (SOGIE monitor) المتعلق بمجتمع “الميم” في لبنان من فندق راديسون بلو، عين المريسة، بيروت. وقد جاء التقرير نتيجة تعاون بين مركز الموارد الجندرية والجنسانية GSRC في المؤسسة العربية للحريات والمساواة AFE وأربع منظمات شريكة هي: مركز الصحة الجنسية (مرسى)، جمعية "حلم"(الحماية اللبنانية للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية)، الجمعية الطبية اللبنانية للصحة الجنسية LebMASH، ومنظمة "موزاييك في الشرق الأوسط وشمال افريقيا للخدمات والمناصرة والتكامل وبناء القدرات"، وهو كناية عن أداة توثيق آمنة عبر الإنترنت بعنوان “مرصد انتهاكات حقوق الانسان” SOGIE monitor“.

ويهدف "السوجي" إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان على أساس الميول والهوية الجنسية كمشروع تجريبي، كما توفير المتابعة و/أو الإحالة الى الجهات المتخصصة للحالات المبلغ عنها، من خلال المساعدة القانونية أو المالية، فضلاً عن توفير الدعم الاجتماعي والنفسي لضحايا الانتهاكات، من خلال الاستناد الى المعايير الدولية المستخدمة في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من ناحية الأسئلة والنظام والنهج والحفاظ على سرية المعلومات".

خطر مجتمع "الميم" في لبنان، أن أتباعه انتقلوا من مرحلة الشعور بأنهم غرباء عن المجتمع الطبيعي، إلى مرحلة المطالبة بحقوقهم في المجاهرة والإعلان والمُساكنة وصولاً إلى حقوقهم بالزواج المثليّ والتبنِّي، في أوضح تحدِّي للقيم الأسرية ومفهوم تكوين العائلة كما أنزلته الأديان السماوية والتزمت به القوانين الوضعية.

وكي نكون مُنصفين في الحكم على "الاستمارة الجندرية" التي حاولت وزيرة التربية تمريرها على المدارس وسحبتها لاحقاً،
فإن الكثير من جمعيات ال NGO's، وبدعم من جمعية USAID، حاولت التسويق لوجوب احترام "المُختلِف" في المجتمع اللبناني، وخوض المعارك القانونية بهدف منحه حقوق الاختلاف من منطلق الحرية الشخصية، حتى ولو كانت هذه الحرية نافرة ومقززة بحق الآخرين.

وإذا كانت "كبوة" الوزيرة كرامي قد انتشلتها منها مواقف لجان الأهل والرفض الشعبي العارم، والمحاذير التشريعية التي كانت تنتظرها في مجلس النواب، فهذا لا يعني أن الفلتان في هذه "النكبة المجتمعية" قد تمّ ضبطه نهائياً، لأن محطة إعلامية لبنانية، نقلت منذ بضع سنوات، عن توجيه إدارة إحدى أكبر الجامعات في بيروت بريداً إلكترونياً الى طلابها، يتضمن وجوب خضوع الطالب المحتاج لمساعدة مالية Scolarship الى حصص دراسية تحت عنوان Gender Studies التي تشجع على الشذوذ الجنسي، وعلى حرية اختيار الميول الجندرية لدى الفتيان والفتيات، مع إلزام الطالب صاحب طلب المنحة بالحد الأدنى من حضور هذه الدروس في كل فصل جامعي، وضرورة مشاركته بكل الأنشطة واللقاءات التي ترتبط بهذه الدروس، لكننا على الأقل حالياً نجحنا في منع إدخال الجرثومة إلى أطفالنا بأعمار مبكرة، وتركنا دوراً للأهل في تصحيح توجهات الطفل المرضية سواء كانت فيزيولوجية أو سيكولوجية قبل سن البلوغ.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل