رسالة إلى المسيحيين والمطالبين بنزع السلاح: المقاومة ردة فعل... والسلاح وسيلة للدفاع ــ د. نسيب حطيط

الجمعة 04 تموز , 2025 10:21 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تتعرّض المقاومة وأهلها للافتراء وتزوير الحقائق ،لتبرئة العدو وإظهار المقاومة كطرفٍ معتدٍ، وأنها السبب في خراب لبنان، وإن ازدهاره لا يكون إلا بقطع رأس المقاومة وتجريدها من السلاح، وربما نفيها؛ كما حصل مع المقاومة الفلسطينية عام 82!
يقود اليمين المسيحي حملة نزع السلاح لصالح "إسرائيل" التي يخدمها منذ عقود، والذي أشعل الحرب الأهلية من أجلها واستدعاها لاجتياح بيروت لاستلام السلطة وطرد المقاومة الفلسطينية، ويستكمل الآن مشروعه العميل ضد المقاومة اللبنانية .
 ان المقاومة ضد العدو "الإسرائيلي" ردة فعل على الإحلال والاجتياحات والمجازر "الإسرائيلية"، بفعل تخاذل الدولة وعجزها، وتآمر المجتمع الدولي، وقد تأخرت هذه المقاومة اللبنانية المنظمة والمسلّحة عقوداً، وصبرت على قتل أهلها وتدمير بيوتهم ونزع الأمان من الجنوب.
ونسأل المسيحيين الذين حملوا السلاح ضد الفلسطينيين بحجة الدفاع عن المجتمع المسيحي، مع فارق كبير بين التهديد "الإسرائيلي" والتهديد الفلسطيني: لماذا سمحتم وشرعتم لأنفسكم حمل السلاح وقتل مواطنيكم بحجة الدفاع عن النفس، وتستنكرون أن يدافع أهل الجنوب عن أنفسهم ضد الاحتلال "الاسرائيلي" والقصف والقتل المستمر منذ 70 عاماً؟
لماذا أسّستم أوّل ميليشيا مسلحة، مع أنكم تمسكون بالدولة ومفاصلها ،قبل الميليشيات اليسارية أو الإسلامية او الشيعية، وقبل الوجود الفلسطيني المسلّح، وتعاملتم مع "إسرائيل"؛ عدو العرب والمسلمين والمسيحيين؟ 
لماذا تؤيدون جبهة النصرة الإرهابية والتكفيرية التي حملت السلاح ضد النظام الرسمي في سوريا، وقلتم إنكم حلفاؤها، وتعادون المقاومة وأنتم شركاؤها في المواطنة والمصير، وتطالبون بنزع سلاحها  الذي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاهكم، مع وجوب التذكير أن "الشيعة" آخر من أسّس ميليشيا مسلحة في الحرب الأهلية، ولم يقوموا بتهجير أي مسيحي من المناطق الشيعية، مع ان "الكتائب" هجّرتهم من النبعة وبرج حمود وغيرها، وارتكبت المجازر بحقهم، ومع ذلك اعلن الإمام الصدر حماية المسيحيين بعمامته، ورفض عزلهم، وبعد تحرير الجنوب لم تقم المقاومة بقتل أي عميل مسيحي، او إحراق بيت مسيحي او تهجير أي قرية مسيحية حملت السلاح وقتلت المقاومين وانتسبت الى جيش لحد الصهيوني... فلماذا هذا الحقد ونكران الجميل؟
لا يرغب الشيعة ان يبقوا في الميدان وساحات القتال طوال عمرهم وقد انتهت الحروب عند الطوائف منذ 30 عاماً ولا يزال الشيعة في ساحات القتال المفروض عليهم.
لا يرغب الشيعة ان تتوسّع مقابرهم وهي تحتضن شبابهم، ولا يرغب الشيعة أن تُدمّر "إسرائيل" بيوتهم وقراهم ومدنهم وتسلبهم الأمن والاستقرار.
وأقول "الشيعة" لأن "اسرائيل" والمتعاملين معها، والذين تقدموا بطلبات التطبيع، حوّلوا المعركة من معركة سياسية الى معركة مذهبية مع الشيعة، كطائفة وكجماعة، ويصرّون على شيطنتها وإذلالها وإهانتها، بتفتيش الزوار في المطار!
يرغب الشيعة ويتمنون أن يعود شبابهم الى الجامعات، وان يبنوا بيوتهم وأسرهم، والا يتركوا أطفالهم أيتاماً ولا يتركوا أمهاتهم يلبسن السواد؛ من شهيد الى أخيه الشهيد حتى فناء العائلة، وتبقى العيون تمطر الدمع الذي لم يجف ولن يجف.
لا يرغب الشيعة أن تختفي الأعراس من بيوتهم وتحل محلّها الجنازات التي لم تتوقف، ويبدو أنها لن تتوقف في المقبل من الأيام. 
الواقع الذي يعيشه الشيعة منذ 70 عاماً يضعهم أمام خيارين:
- إما القتل الذليل والاجتياحات "الإسرائيلية" والاحتلال والتهميش في الداخل. 
- إما حمل السلاح والقتال والاستشهاد بعزة وكرامة مع كل الأثمان الكبيرة من الشهداء والأرزاق والتهجير ،بغياب أي حل آخر يضمن لهم كرامتهم وامنهم وحقوقهم. 
المقاومة ردة فعل على الاحتلال والقصف، تنتهي بانتفاء الأسباب وزوال التهديد والاحتلال، والسلاح وسيلة دفاع وليست هدفاً، وينتفي دوره إذا تحقّقت الأهداف التي من أجلها حمله المقاومون، وهو تأمين الأمن وتحرير الأرض ومنع العدوان.
اضمنوا لنا الأمن ومنع العدوان وتحرير الأرض، عندها سنتخلّى عن السلاح الذي دفعنا ثمنه دماً ودموعاً وشهداء وأموالاً وأرزاق.
ونذكّر من يطالبنا بتسليم السلاح ويتهمنا باللاعقلانية وينصحنا بالعبودية أو استراتيجية تعدّد الأوجه والألسن وتقديم التنازلات ومبايعة الجولاني ونتنياهو.
ألم يحمل المسيحيون السلاح بحجّة الدفاع عن أمنهم؟
ألم يحمل السنّة السلاح للدفاع عن أمنهم؟
الم يحمل الدروز السلاح بحجّة الدفاع عن أمنهم؟
فلماذا تجيزون لأنفسكم حق الدفاع عن النفس وتستنكرون وترفضون حقنا بالدفاع عن أنفسنا ،أم انكم شعب الله المختار او حلفاء شعب الله المختار وأن حقوقنا كمواطنين أقل من حقوق النازحين واللاجئين؟
ثرثروا ما شئتم وليحكمكم الغباء والحقد ،فهل تظنون أنكم إذا أشعلتم النار في شقتنا ستسلم بيوتكم في البناء اللبناني المتعدّد الطبقات؟ 
أنتم تحرقون حقول قمحنا المجاورة لحقولكم وتلوثوا مياهنا المشتركة مع مياهكم... استيقظوا واعقلوا وعودوا الى إنسانيتكم ووطنيكم ولا تقتلوا أنفسكم بقتلنا.
بئس الحال الذي صار فيه العميل قاضياً... والمقاوم مجرماً.
لكننا سنغيّر المعادلة ولن نستسلم، وسنحاسب العملاء هذه المرة، بلا تسامح.
ونكرر ما قاله الإمام الصدر: "لن نقبل أن يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألماً" من العدو منكم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل