بعد القرار الأميركي المفاجئ... هل بات الجولاني في الربع ساعة الأخير؟ _ حسان الحسن

الأربعاء 09 نيسان , 2025 05:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد سقوط الدولة السورية في الثامن من كانون الأول الفائت، تتفاقم يومًا بعد يومٍ، وأكثر فأكثر، الأزمات التي تضرب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية والسياسية في سورية. وأفظع ما شهدته وتشهده، تلك المجازر المرّوعة التي ارتكبتها وترتكبها المجموعات التكفيرية المسلحة في حق أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري وسواه، من دون حسيبٍ ولا رقيبٍ، وسط تعتيمٍ إعلاميٍ مريبٍ.
وكلما اشتدت الأزمات في وجه رئيس "سلطة الأمر الواقع في دمشق" زعيم "جبهة النصرة في تنظيم القاعدة" أبو محمد الجولاني، و"سلطته"، يحاولان تصدير هذه الأزمات إلى الخارج، تارةٍ "بتجريد حملةٍ عسكريةٍ لتأديب أهالي الساحل"، إثر توغل العدو "الإسرائيلي" في الجنوب السوري وصولًا إلى ريف دمشق"، وطوراً بافتعال اشتباك مسلح مع أبناء العشائر اللبنانية في الهرمل، على الجهة الشرقية من الحدود المشتركة اللبنانية - السورية، للتعمية على صمت "سلطة دمشق" على انتهاك العدو المستمر للسيادة السورية، وأُخرى من خلال تنظيم جولاتٍ خارجيةٍ، لحرف الأنظار عن الكوارث التي يعاني منها الشعب السوري على مختلف الصعد، خصوصاً المعيشية والأمنية والاجتماعية، التي ترتفع وتيرتها على مدار الساعة. ولعل أشد الأزمات التي يواجها الجولاني راهنًا، جاءت بعد صدور قرارٍ أمريكيٍ مفاجئ ومباشرٍ، يمس "سلطة الجولاني" في الأمم المتحدة.
فقد سلمت واشنطن البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، مذكرةً تنص على تغيير وضعها القانوني "من بعثةٍ دائمةٍ لدولة عضو لدى الأمم المتحدة"، إلى بعثةٍ لحكومة غير معترفٍ بها من قبل الولايات المتحدة.
وتضمّنت المذكرة أيضًا "إلغاء التأشيرات الممنوحة لأعضاء البعثة من فئة G1 المخصصة للدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة، والمعترف بحكوماتهم في البلد المضيف، إلى فئة G3 التي تُمنح للمواطنين الأجانب المؤهلين أممياً للحصول على سمة، من دون أن تكون الولايات المتحدة معترفة بحكوماتهم". 
وعلى اعتبار أن الأعراف الدولية تقضي بوجود ممثلين عن كل الدول الأعضاء في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية، وإن كان بعض حكومات هذه الدول لا تحظى باعتراف رسميٍ أميركيٍ أو سواه، لذا لا تزال "السلطة السورية" الجديدة تحتفظ بمقعدها في "الجمعية العامة".
ولا ريب أن هذا القرار الأميركي سيؤثر في مجرى العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الدول الغربية والعربية مع "سلطة الجولاني"، وإن كانت بعض الدول العربية تحاول احتواء الجولاني، وإلباسه لبوسًا عربيًا بدلًا من اللبوس التركي، خصوصاً بعد التمدد العسكري التركي داخل الأراضي التركية، وإقامة قواعد عسكريةٍ تركيةٍ داخل الأراضي السورية. غير أن التوغل التركي قوبل بتوغلٍ صهيونيٍ، كذلك أغار الطيران الحربي المعادي، في الأيام الفائتة، على مطاري التيفور في حمص، وحماه العسكريين، وأدى إلى خروجهما عن الخدمة، ما يعكس بوضوحٍ حجم تصاعد لهجة التنافس بين الجانبين، خصوصًا بعد شروع تركيا في إقامة قاعدةٍ جويةٍ في سورية. وتزامن ذلك مع صدور القرار الأميركي المذكور آنفًا. 
وفي هذا الصدد، ما هو الدور المستقبلي للقواعد التركية في سورية؟ وهل توافق "إسرائيل" على إبقاء الوضع السوري كما هو الآن، أي "تحوّل سورية إلى مقر للإرهاب العالمي" على الحدود مع فلسطين المحتلة؟
وتعقيبًا على كل ما ورد آنفًا، تعتبر مصادر سياسية سورية أن " القرار الأميركي الأخير، يفترض أن يقود إلى تطبيق القرار الدولي 2254، الذي يطالب جميع الأطراف التوقف فوراً عن شن أي هجماتٍ ضد أهدافٍ مدنيةٍ، على أن يتم استثناء مجموعاتٍ تعتبر "إرهابية"، بما في ذلك تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة". كذلك يدعو القرار إلى إجراء انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهةٍ تحت إشراف الأمم المتحدة. كما نصّ على ضرورة قيام جميع الأطراف في سورية بتدابير بناء الثقة للمساهمة في جدوى العملية السياسية. ومادامت "سلطة الجولاني" حليفة لأنقرة، فما لزوم القواعد التركية في سورية إذًا؟ هنا، يلفت مرجع في العلاقات الدولية إلى أن "القواعد العسكرية خارج أراضي الإقليم هي سياسية عالمية معتمدة لدى الدول الكبرى، فالولايات المتحدة لها 738 خارج البلاد، على سبيل المثال، أما في الشأن التوغل التركي - "الإسرائيلي"، فقد تنظمه حليفتهم واشنطن لاحقًا، وهذا الأمر ألمح إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويهدف وجود القواعد العسكرية التركية و"الإسرائيلية" على الأراضي السورية، إلى تعزيز النفوذ السياسي وتحصينه، بخاصة في ضوء وجود "حكومة الجولاني" في دمشق، الفاقدة للسيطرة على أجزاء كبيرة من المناطق السورية".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل