لبنان كرة طائرة ... !

الأربعاء 26 آذار , 2025 08:56 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

لم يعد لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، بل تحوّل إلى كرة تتقاذفها الأيادي بين العواصم الإقليمية والدولية، بدءًا من واشنطن، مرورًا بباريس والقاهرة والرياض والدوحة، وصولًا إلى دمشق الجولاني...!

حاولت باريس إعادة وصايتها من خلال رئيسها ماكرون، الذي سعى للتأثير على أعضاء المجلس والمكلَّف تشكيل الحكومة، نجيب ميقاتي، لكنه فشل. وبدلًا من التنحي، كلَّف لودريان بمتابعة الملف، فطاب له مناخ لبنان وملأ فراغه بسبب تقاعده في بلده، فأصبح يتنقل بين فرنسا ولبنان (aller-retour)، حتى شغرت كرسي بعبدا مع ولادة الخماسية. دبلوماسي رايح، دبلوماسي جايي، كوكتيل فرانكو-أنغلو-عربي، ومن دون فائدة...!

وإذ بالمارد الأميركي يخرج من القمقم ويحسم الأمر، مستخدمًا خاتم "لبيك"، فكان جوزاف عون رئيسًا، ونواف سلام رئيسًا للحكومة...!

وتفتَّقت مواهبه وطموحاته نتيجة تناوله حليب السباع الأميركي، لا "نيدو" ولا "نستله"، وبلغت تصريحاته الذروة، حتى ألغى فريقًا لبنانيًا من جذوره وجعله من الماضي، رغم أن العدو لا يزال يحتل أراضٍ لبنانية تتجاوز خمس عشرة نقطة، إضافةً إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. بل إن بعض أعضاء حكومته باتوا الناطقين الرسميين باسم الحكومة والعهد والمجلس، على قاعدة "أنا ربكم الأعلى، ويا أرض اشتدّي وما حدا قدّي"...!

ورافق ذلك زيارة إلى دمشق في إطار مدّ اليد إلى "دولة جولاني"، على أمل أن تستقيم الأمور بين بيروت ودمشق. وإذ بـ"هيئة تحرير الشام" تغزو الأراضي اللبنانية، مروعة الأهالي بالقتل والنهب والحرق، فما كان من الجيش اللبناني والأهالي إلا أن ردوا العدوان. ثم أعلن وزير الدفاع عن زيارة مرتقبة لنظيره السوري، لكن من دون مقدمات، تقرر تأجيلها ونقل اللقاء إلى مدينة جدة. كما تم تحديد زيارة الرئيس عون لبضع ساعات إلى باريس في 28 من الشهر الجاري، رغم أن مبعوث ماكرون حلّ ضيفًا على المثلث الرئاسي دون الإفصاح عن سرّ هذه الزيارة. فهل يُعقل أنه لا يعلم أن الحكومة تشكلت ونالت الثقة، وأن كرسي بعبدا لم تعد شاغرة...!

وأمام هذا الحراك، تبقى المندوبة السامية الأميركية صاحبة القرار في جميع الاتجاهات والملفات...!

مما تقدّم، يتضح أن لبنان تحوَّل إلى ملعب كرة طائرة، نظرًا لصغر مساحته وقلة عدد اللاعبين، ومعظمهم مجرد زيادة عدد، لأن الأميركي غير مستعجل على إنهاء الأزمات اللبنانية، فهو يمنح الآخرين أدوارًا ثانوية لتمرير الوقت وتحقيق أهدافه، خدمةً لمصالحه، ولا سيما قاعدته المتقدمة المتمثلة بالكيان الصهيوني...!

وعليه، تُطرح تساؤلات منها:


1- إلى متى يبقى لبنان ملعبًا للقوى الخارجية؟
2- لماذا تم نقل الاجتماع من دمشق إلى جدة؟
3- هل تم اختيار جدة مرجعيةً لإدارة كل من سوريا ولبنان؟
4- هل قررت واشنطن أن تكون جدة مركزًا ووكيلاً لها بدلًا من الدوحة؟

د. نزيه منصور


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل