أقلام الثبات
أشعل الرئيس التركي "أردوغان" الشارع التركي بقرار منه باعتقال المنافس المحتمل له في انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ثلاث سنوات، ولا يزال من المبكر الحديث عن إسقاط أردوغان، لأن المظاهرات والحراك الشعبي لم يبدأ، بقرار من المعارضة، بل بحرب استباقية شنّها "أردوغان" على معارضيه، ومحاولته حصاد انتصاره في سوريا بشكل مباشر ،دون تأخير .
لا يزال الرئيس "أردوغان" أحد الركائز الرئيسية للمشروع الأميركي في المنطقة، والمرشد السياسي العام للإسلام السياسي "السنّي"، الذي استطاع قيادته وإدارته بديلاً عن الإدارة السعودية، وبكفالة تمويل من قطر وما يسرقه من سوريا وتجارة ابتزاز لأوروبا والمنظمات الدولية، مقابل رعاية اللاجئين السوريين.
والسؤال المطروح: هل انتهت مهام "أردوغان" لتفتيت المنطقة والقضاء على محور المقاومة وإنهاء القضية الفلسطينية؟
هل ما قام به "أردوغان" عملية ذكية لتفعيل حزام الأمان في الانتخابات القادمة، بسبب حاجة المشروع الأميركي له لفترة زمنية أطول حتى تثبيت التغييرات في الشرق الأوسط الجديد؟
هل ارتكب "أردوغان" خطأ استعجال حصاد انتصاره "الخيالي" في سوريا ،مما دفعه للاستعجال بحصاد رؤوس معارضيه والذي يمكن ان ينقلب عليه؟
ما هو موقف امريكا من تغيير "أردوغان" او بقائه على عرش الإسلام السياسي وكرسي الخلافة العثمانية التي حكمت العالم العربي مئات الأعوام ؟
ان المؤشرات الأولى للأحداث وردة الفعل الأميركية والأوروبية الباردة، توحي بالرضا الأميركي والتغطية السياسية وتؤشر الى قيام "أردوغان" بحرب استباقية ضد منافسيه وهو في ذروه القوة ولأن العالم الثالث محكوم بالقرار الأميركي والحماية السياسية التي يؤمنها للأنظمة ويملك قرار تغييرها او حمايتها، فإن الحراك الشعبي التركي لن يكون مؤثراً ،إلا اذا تأمن الإجماع او الأغلبية الشعبية ضد "أردوغان" وهذا ما يحتاج الى تحالف أربعة أطراف (السنّة والعلويين والأكراد والعلمانيين) وهذا التحالف لا يبدو ممكناً في هذه اللحظات السياسية التي تعيشها المنطقة والصراع السنّي التكفيري مع العلويين والاكراد رغم الاتفاق الإكراهي بين الأكراد والتكفيريين في سوريا.
يمكن ان تستغل أميركا والعدو الإسرائيلي هذه التحركات الشعبية، لإبتزاز "أردوغان" وتطويعه اكثر وكبح جماح طموحاته في سوريا وإفهامه بأن دوره لا يتعدى ، كاسحة ألغام والمعول الذي يهدم، لكنه ممنوعٌ من استثمار ما يزرعه وان الحصاد يجب جمعه على البيدر الأميركي - "الإسرائيلي"، بالإضافة ان التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" لا يسمح ببقاء اي قوة عربية أو إسلامية مؤثره في المنطقة حتى لو كانت هذه الدولة عضواً في الناتو او حليفاً إستراتيجياً، لإسرائيل او عامل تخريب للعالم العربي والإسلامي لأن اليهود لا يأمنون إلا لأنفسهم ويستعملون الدول والجماعات والأشخاص، كعملاء لتحقيق المصالح الإسرائيلية، ثم يتم رميهم على أرصفة السياسة والانقلابات والاغتيالات.
إذا نجح "أردوغان" بتصفية المعارضة وأعاد تجديد حياته السياسية الداخلية، فإن الأمور في سوريا، ستكون أكثر تشدّداً وسيتمكن اردوغان من "طرد" العرب من سوريا وسيتعّهد بالوصول الى لبنان، لاستكمال مهمته بإسقاط دول وحركات المقاومة ويملك أوراق قوة في لبنان أكثر من السعودية ودول الخليج ،فلديه الجماعات التكفيرية على الحدود والجماعات الإسلامية المتطرفة في لبنان والنازحون السوريون وربما بعض الأطراف الفلسطينية بعدما أطلقت السعودية النار على يدها وفرضت على تيار المستقبل تجميد نفسه ونفي قيادته السياسية.
تعيش المنطقة مرحلة مخاض دموي وعنيف، قبل ولادة الشرق الأوسط الجديد وفق الرؤية الأميركية - "الإسرائيلية" او يتمكن التحالف المقاوم للمشروع الأميركي من استعادة زمام المبادرة، لحفظ الهوية السياسية والدينية، للمنطقة وانقاذها من فم الذئب الأميركي وإفشال مشروع "إسرائيل الكبرى" و "الديانة الإبراهيمية".
لم تنته الحرب... ويمكن ان تطول ، لعشر سنوات قادمة، بعدما مضى على اشتعالها حوالي الخمسة عشر عاما لتفتيت المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية من بوابة " الربيع العربي".
التحالف الأميركي الدولي يواصل هجومه ..ويحشد عناصر القوة ولا يمكن مواجهته "بالمفرّق" بل بتحشيد القوى والتنسيق بين كل المتضرّرين وهذه احدى نقاط الضعف في جبهة المقاومين .
"ربيع تركي"...أم حزام أمان لأردوغان؟ ــ د. نسيب حطيط
الخميس 20 آذار , 2025 01:53 توقيت بيروت
أقلام الثبات

