أحمد الشرع.. والشرعية الممنوعة ــ أمين أبوراشد

الخميس 20 آذار , 2025 01:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لقد سبق للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الإعلان أن صياغة دستور جديد للبلاد تستلزم نحو أربع سنوات، وأن إجراء أية انتخابات رئاسية أو تشريعية تستوجب تعديل وتصحيح لوائح الناخبين السوريين داخل سوريا وخارجها، وأن هذه العملية معقدة للغاية نتيجة تشرذم العائلات ونزوحها عن مناطق سكنها الأصلي، وبالتالي، استحالة تطبيق أي نوع من الديمقراطية الشعبية في المستقبل القريب.

وجاء توقيع الشرع على الإعلان الدستوري محاولة لقوننة الاحتفاظ بالسلطة بغياب الدستور، وهو ما تلجأ اليه الدول، بعد حدوث انقلابات في أنظمة الحكم لأي سبب كان، لكن الشرع ومَن معه من "حاشية إدلب" قرروا أن تكون ولايته الانتقالية لمدة خمس سنوات ليس في حكم سورية بلون طائفي واحد، بل بلا أي لون يشبه الشعب السوري وحضارته وتاريخه.  

أما وقد صدر هذا الإعلان الدستوري كتدبير ضروري لتحديد شكل الدولة والنظام السياسي ضمن أربعة أبواب مع أحكام عامة من ضمنها الإبقاء على اسم "الجمهورية العربية السورية" كما هو لضمان الاستمرارية الدستورية، استبعد هذا الإعلان نهائياً إمكانية جعل الاسم "الجمهورية السورية"، كما كانت وما زالت تُطالب بها الشريحة الكردية منذ عهد الرئيس الأسد، لأن الأكراد يعتبرون أن وجود كلمة "العربية" ضمن اسم الدولة، تغييب صريح لهم كإثنية عرقية، وكقومية لها خصوصيتها في المجتمع السوري.

قبل مجزرة الساحل السوري بحق العلويين الذين رفعوا الراية البيضاء منذ اليوم الأول لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد وسلموا أسلحتهم، كانت هناك معضلتان أمام وحدة سورية، الدويلة الكردية في الشمال الشرقي حيث الخيرات الطبيعية من النفط والغاز خاصة في حقلي "الرميلان" و"الجبسة"، وتستثمرهما "قسد" بالتعاون مع شركات أميركية وبريطانية، ثم الدويلة الدرزية في محافظات الجنوب التي هي على قاب قوسين من ريف دمشق حيث حقول النفط والغاز "قارة 1"، و"قارة 3" و"بريج".

ومع وجود 7 آبار في منطقة تدمر وصحرائها حيث مخاطر تحركات تنظيم داعش، فإن حكومة أحمد الشرع غير ممسكة لغاية الآن بالموارد الطبيعية على امتداد الخارطة السورية، وبالتالي، لا ضمانة لاستمرار شرعية حكومة أحمد الشرع المُفلسة رغم تسريح العسكريين والموظفين المدنيين إلى بيوتهم، لعدم توافر الرواتب، مع فشل "مؤتمر المانحين الدوليين حول سورية" في بروكسل منذ أيام.

وجاءت كلمة المندوبة الأميركية في المؤتمر المذكور صادمة وصاعقة، بوجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ومما قالته:

شهدنا منذ أسبوع تصعيداً طائفياً ومجازراً بحق العلويين، وعلى الحكومة السورية إلقاء القبض على الفاعلين وتقديمهم للعدالة. لن تستقر سورية إلا بمشاركة الأكراد والمسيحيين والعلويين والدروز في الحكم وتحديد مستقبل سورية.
لا مساعدات ولا رفع عقوبات عن سورية، ولا استثمار عربي أو دولي فيها طالما فيها زعماء يؤيدون الإرهاب والأعمال العنيفة.

وليس بعيداً عن بروكسل، تسود دول الإتحاد الأوروبي موجة غضب على طالبي اللجوء السوريين بعد مجزرة الساحل،  ومطالبات بترحيلهم إلى سورية، لأن تفاعلهم الإيجابي مع وصول الشرع إلى القصر الرئاسي أسبغ عليهم صفة الإرهاب.

هذا هو الواقع السوري اليوم، وهو ما قد ينسحب على السنوات الخمس القادمة، بصرف النظر عن حالة التمزق في الجسم الجغرافي والديمغرافي والسياسي، وليس هناك من مؤشرات خير إذا ما أخذنا عينة عن أداء "جماعة إدلب" في دمشق خلال الأشهر الأربعة الأولى من الانقلاب، وإذا كان الهدم سهلاً لدولة عريقة مثل سورية فإن البناء سيكون صعباً، لأن مواد البناء هي مكونات بشرية وطنية أساسية مُستبعدة شرعاً من أحمد الشرع، وهو بدونها يبني دولة على رمال...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل