المشروع الأميركي "للسلام" بين لبنان و"إسرائيل" _ د. نسيب حطيط

الأربعاء 12 آذار , 2025 01:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 يتقدم المشروع الأميركي للتطبيع والسلام بين لبنان و"إسرائيل" بخطوات متسارعة، من باب "إنهاء الحرب" وفق "اتفاق تشرين" المتعدّد التفاسير والضمانات الغامضة، ولا شيء واضح فيه ،إلا استمرار الحرب من الجانب "الإسرائيلي"، حيث تم "تقييد" المقاومة واستكمل العدو الاقتصاص منها وشل حركتها ويغتال مسؤوليها ومجاهديها ويقصف مواقعها .
يعتمد المشروع الأميركي على استراتيجية "السلام بالمفرّق" دون توقيع اتفاق واضح؛ كما جرى في اتفاق 17 أيار ، لضمان تمرير قرار التطبيع والسلام دون معارضة شعبية، بسبب الظروف اللبنانية الاستثنائية التي تختلف عن بقية الدول العربية، التي تقرّر فيها الأنظمة وتصفق الشعوب او تصمت، أما في لبنان فإن الوطنيين اللبنانيين سيعارضون "السلام" مع "اسرائيل"، وتؤيده بعض القوى اللبنانية مع الأسف.
بعد تجربة نجاح مفاوضات الغاز وحقل "كاريش" وجني العدو "الإسرائيلي" الأرباح وتحقيق مطالبه وعودة لبنان "بخفي حنين"، وبعد تجربة "اتفاق تشرين" الذي يستغله العدو ، تعمل أميركا لتكرار تجربة ترسيم الحدود البحرية في مشروع ترسيم الحدود البرية، "وبالمفرّق" أيضاً، حيث يتم التفاوض حول النقاط 13 التي تحفّظ عليها لبنان في الخط الأزرق عام 2000 وأُضيف إليها "المسامير الخمس" بعد حرب تشرين 2024، ان السلام بالمفرّق يتضمّن العناوين التالية :
- تعديل خط الحدود اللبنانية_ الفلسطينية الذي رسمه اتفاق "الهدنة" العام 1949 وثبّته الخط الأزرق عام 2000 ويحاول العدو نسفه بعد حرب 2024 ،حيث يطرح العدو الاسرائيلي مبدأ المقايضة الجغرافية بين المواقع التي يريد الاحتفاظ بها داخل الأراضي اللبنانية مقابل التنازل عن أراضٍ ليس لها أهمية إستراتيجية.
- تقاسم المياه بين لبنان ، بعنوان مشروع دولي لإدارة المياه وعدم هدرها في البحر بعد تعطيل مشروع الليطاني منذ أكثر من 50 عاما اما بسبب الفساد في لبنان او بسبب الاجتياحات والتهديدات الإسرائيلية.
- تثبيت إقامة المنطقة ،الخالية من السلاح والمسلحين جنوبي الليطاني مع محاولة تثبيت شريط عازل على الحدود خالٍ من السكان بعمق 2 كلم. 
- نزع السلاح الثقيل للمقاومة، شمال الليطاني الذي يهدّد العمق الإسرائيلي.
- توطين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين ،لتغيير المعادلات الديموغرافية ،وصناعة "أكثرية "سنيّة" متطرفة لا تقبل التعايش مع بقية الطوائف وتُسيطر على قرار "السنّة اللبنانيين المعتدلين" .
تعمل الدبلوماسية الأميركية تحت نيران القصف والاغتيالات الإسرائيلية، لتمرير هذا الاتفاق بسرعة ،مستفيدة من صمت المقاومة العاقل والشجاع ،بالإضافة لحاجة المقاومة لفتره زمنية، لترتيب أوضاعها وتأييد او صمت وحياد الأغلبية في لبنان والمنظومة السياسية التي تم تشكيلها ولا يعارض اتفاق التطبيع والسلام مع العدو ،إلا قوى المقاومة وأنصارها والوطنيين اللبنانيين (وهم الآن أقلية مُحاصرة) .
ان "السلام بالمفرّق" او التطبيع المخادع سيكون من باب حاجة الناس، خصوصاً "الشيعة"، لإنهاء الحرب التي تمارسها "اسرائيل" من طرف واحد، وإعادة الإعمار وإراحة الناس والارتكاز على تجربة الهدنة الطويلة "غير المُعلنة" التي أعقبت حرب تموز 2006 والقرار 1701، والتي امتدت حوالي 17 عاما، احتفظت المقاومة بسلاحها دون هجمات او قصف داخل فلسطين المحتلة والتزمت "إسرائيل" بعدم الاعتداء، واكتفت بالخروقات الجوية والبحرية.
يتم تحضير مشروع إنهاء الحرب، بشكل ناعم وبخطوات متفرّقة وتعتقد أميركا، بإمكانية انجازها لهذا الاتفاق قبل نهاية العام الحالي ،نتيجة الظروف الصعبة التي تعيشها المقاومة بعد الضربات التي تلقتها وسقوط النظام في سوريا وإطباق الحصار عليها وتهافت العرب والمسلمين ، للقضاء على القضية الفلسطينية وحركات المقاومة، وإذا كان لابد من إحداث فتنة داخلية، للضغط على المقاومة واجبارها على السكوت، فستبادر أميركا ،لإشعالها  بين النازحين السوريين المؤيدين للجولاني وجبهة النصرة وداعش بعد تجربه مجازر النصرة وأخواتها ضد العلويين والمسيحيين في الساحل السوري  ويمكن أن تكون أميركا اكثر جرأة، وتبادر ،لتكليف بعض النواب ،لتقديم مشروع قانون لتوقيع السلام مع "إسرائيل"
هذا ما تخططه أميركا وأدواتها ،لكن نجاح هذا المشروع ليس بيد أميركا وحدها ،لأن قوى المقاومة العسكرية والمدنية والسياسية ،لن تبقى صامتة ومقيّدة او عاجزة ،بل ستبادر لمقاومة هذا المشروع الذي يُسقط لبنان بالقبضة "الإسرائيلية" - الأميركية، وليس كل ما تقرّره اميركا هو قدر محتوم علينا القبول به.
الحرب لم تنته بعد، وستكون طويلة وصعبة.. ومتعدّدة الجبهات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل