الضمانات الأمريكية ..وفشل البث التجريبي لنزع السلاح _ د. نسيب حطيط

السبت 08 آذار , 2025 03:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
ليلة أمس قام العدو الإسرائيلي باجتياح جوي بعد الإفطار؛ كضربة استباقية كما صرح الجيش "الإسرائيلي" ضد "نية" المقاومة خرق وقف النار ويبدو ان طائراته التجسسية سمعت ورصدت "دعاء" الصائمين بهلاك اعدائهم فشن حوالي 30 غارة على كل مناطق الجنوب .
 استطاعت المقاومة خلال الأشهر الماضية التي أعقبت وقف النار و"الهدنة المخادعة" الفوز في معركة الجدال حول سلاحها وضرورة بقائه وعدم نزعه، دون مناقشات وحوارات، بل بالصبر والانضباط والتضحية بالدم الصامت الذي تدفعه من خلال اغتيالات مسؤوليها ومجاهديها وتدمير بيوتها ومواقعها العسكرية المزعومة . 
صمتت المقاومة وفَدَت أهلها بنفسها ولم ترد طوال الأشهر الماضية على الاعتداءات الإسرائيلية والحرب المفتوحة عليها دون رادع وعدم التزام العدو بأي اتفاق سواء 1701 وما سبقه من قرارات وحتى القرار 425 الذي فرضت المقاومة تنفيذه بالقوة عام 2000 عادت إسرائيل لخرقه ثانية!
قدّمت اسرائيل الدليل بيدها ،للأغبياء والحمقى والمتآمرين في لبنان بوجوب عدم ترك المقاومة لسلاحها وقامت المقاومة ،ببث تجريبي "لنزع السلاح" فأسكتت صواريخها وسلاحها طوال ثلاثة أشهر ،لتثبت ان الضمانات الأميركية والقرارات الدولية والمقاومة الدبلوماسية او السياسية لا تجدي نفعاً إذا كانت بلا سلاح ولا تدعمها القوة وان السلاح هو الضمانة بالمعطى المادي والتأييد الإلهي بالمعطى الديني العقائدي.
نزعت المقاومة سلاحها، طوعياً بشكل مؤقت ولم تستعمله مع امتلاكها له وقدرتها على الرد
 والسؤال الذي يطرحه أنصار المقاومة وأهلها من موقع المودّة والتأييد ويطرحه الخصوم والحاقدون 
من منطلق الحقد والخبث. 
لماذا لا ترد المقاومة؟ هل لأنها ضعيفة أم خائفة أم مربكة او انها لا زالت في العناية الفائقة؟ 
وجواب المقاومة ينفي كل هذه الأجوبة او التخمينات ، فالمقاومة رغم جراحها، ليست ضعيفة وليست خائفة وماضيها يحكي بطولاتها وآخرها حرب ال66 يوما الكربلائية الاستشهادية وليست مربكة، بل هي عاقلة وواعية تماماً وتمسك بزمام الأمور بشكل واعٍ دون انفعال.. وجوابها.. لماذا لا ترد "الآن" للأسباب التالية:
- إعطاء الدليل والبرهان العملي ،بأنه لا يمكن حماية لبنان وشعبه وسيادته ،إلا بالقوة التي تمتلكها المقاومة بالتعاون مع الجيش والشعب. وأن ثلاثية (الجيش والشعب والدولة) أسقطها العدو بالقصف وعدم الالتزام بالاتفاق والقيود الخارجية المفروضة على الدولة .
- إثبات عبثية وعدم صدق الضمانات الأميركية والدولية ،لتحقيق الانسحاب "الإسرائيلي" من لبنان او منع العدوان "الإسرائيلي". 
- استغلال الوقت لإعادة هيكلة المقاومة وتنظيم صفوفها بعد الضربات القاسية التي تلقتها والحرب العالمية عليها التي لم تتوقف حتى الآن ولو ان أي مقاومة او جيش تعرّض لما تعرضت له المقاومة، لما كان على قيد الحياة حتى الآن.
-  الانتظار والصمت العاقل، لاستطلاع الأوضاع بعد العاصفة التي اجتاحت المنطقة بعد العاصفة الأميركية - "الإسرائيلية"، وأسقطت النظام في سوريا وأبادت غزة وتحاول إلقاء القبض على لبنان.
-  دراسة الوسائل الجديدة للمقاومة بعد استخلاص النتائج من المرحلة التي حكمت عملها بعد العام 2006 وإقرار خطط عمليات جديدة، (المقاومة غير المرئية) تنسجم مع المستجدات والظروف والوقائع الجديدة دون التراجع عن الهدف الأساس "حماية لبنان وتحرير أرضه" والأهم عدم الوقوع بالفتنة الداخلية وعدم الاستسلام للمشروع الأميركي الناعم والساخن.
إن ما تمارسه المقاومة الآن هو رأس الحكمة والوعي والصبر الشجاع والاستعداد الهادئ غير الانفعالي مع تفهّمها لمشاعر أهلها الذين عاشوا بفضل الله وتضحيات المقاومين، مرحلة اتسمت بأعلى المعنويات والقدرة على الرد على العدو وإلزام العدو بشروط المقاومة وتوازن الردع وقواعد الاشتباك المتوازنة والتي فقدوها الآن ،مما جعلهم في حالة توتر وغضب ويطالبون باسترداد الردع وتثبيت قواعد الاشتباك. 
ان الحرب "كر وفر" انتصار وهزيمة وفي بعض الأحيان تعليق للنتائج عبر هدنة او وقف نار وعلى أهل المقاومة ،الصبر قليلاً خاصة وان المقاومة اختارت ان تكون فداء لهم وتصبر على اغتيال قادتها حتى لا تقوم بالرد في لحظة غير مناسبة وليست لصالح المقاومة وأهلها وان تدفع الشهداء نيابة عن تهجير اهلها وتدمير بيوتهم في انتظار اللحظة التي ترى فيها التوقيت المناسب للرد الذي يعيد تثبيت قواعد الاشتباك والأمان وربما تطول هذه اللحظة حتى نهاية العام .
الصبر في الحرب يجعل الكمين ناجحاً ومؤثراً، وهذا ما تفعله المقاومة.. فاصبروا قليلاً ،فمن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، ونحن نقاتل أميركا التي يخاف منها العالم حتى الصين وروسيا... وأميركا تخاف من بقائنا أحياء مقاومين.. وعلينا ان نحفظ المقاومة وأهلها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل