هل يكرّر دروز سورية خطأ المسيحيين في لبنان؟ _ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 04 آذار , 2025 02:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
انزلقت الأحزاب المسيحية اليمينية اللبنانية في الحرب الأهلية اللبنانية، بالاستعانة والتحالف مع العدو "الإسرائيلي"، بحجة طلب الحماية ضد تجاوزات المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية، مما استولد علاقات تحالف بين بعض الأحزاب المسيحية والعدو، تم تتويجها في اجتياح عام 1982 وتأسيس جيش لبنان الحر بقيادة الضابط اللبناني سعد حداد ودولة لبنان الحر في الشريط الحدودي، ثم جيش لبنان الجنوبي بقياده الضابط اللبناني انطوان لحد، وكانت أسباب هذا الانزلاق - الخطأ امرين اثنين: 
- وجود منظومة من العمالة والتعاون مع "إسرائيل" من قيادات سياسية وحزبية مسيحية، بهدف استلام السلاح والاستعانة بالعدو "الإسرائيلي"، لتثبيت مواقعهم السياسية في لبنان. 
- تجاوزات المقاومة الفلسطينية والهجوم على القرى المسيحية في الجنوب "العيشية" وغيرها، مما أفسح الطريق امام القيادة المسيحية، لتبرير تعاملها مع "اسرائيل"، وطلب حمايتها في الشريط الحدودي، حيث أيّدت "الجبهة اللبنانية" التعامل مع "اسرائيل"، للنجاة من الحصار والقتل الفلسطيني، وحيّا الرئيس كميل شمعون علناً، شجاعة الرائد "سعد حداد" وجيشه قائلاً: "شكرا للرائد حداد وجيشه، فالجنوب لن يعاني مصير الدامور والجيّة والسعديات من الإبادة الجماعية والتهجير"..
استغل العدو "الإسرائيلي" الواقع اللبناني وحصار المسيحيين في الجنوب، فأسّس الشريط الجنوبي المحتل بعد إتياح عام 78 وكان الهدف الأساس، ليس حماية المسيحيين وإنما حمايه المستوطنين بأكياس الرمل المسيحية، وبعد اجتياح 82 وتعامل المسيحيين مع "اسرائيل" وانتخاب بشير جميل رئيسا للجمهورية، انتهى مصير المسيحيين بمعارك الجبل بين الدروز والمسيحيين، بعد انسحاب الجيش "الإسرائيلي"، لإفساح المجال امام القتال المسيحي - الدرزي في الجبل، وتم تهجير وهجرة كل المسيحيين، ثم بعد تحرير الجنوب عام 2000 ترك "الإسرائيليون" "جيش لحد" لمصيره، وانسحب الجيش "الإسرائيلي" دون ابلاغ عملائه في جيش لحد، وتركهم يبكون على "بوابه فاطمة" التي أقفلها بوجههم، وبعد مناشدات اضطر لفتحها واستقبال آلاف العائلات التي تعيش  الغربة والإذلال في مخيمات اللاجئين، وانتهت تجربه المسيحيين الذين طلبوا حمايه "إسرائيل" الى تهجيرهم ونفيهم، او هروبهم الى داخل فلسطين المحتلة، او الهجرة دون عودة، وخسر المسيحيون وربحت "إسرائيل"! 
يبدو ان العدو "الإسرائيلي" يكرّر تجربته مع مسيحيي لبنان، ويستنسخها مع الدروز في سوريا بعد إسقاط النظام، مستغلاً إرهاب السلطة الجديدة ضد الأقليات، بمن فيهم الدروز، ومحاولة تغيير عقيدتهم الدينية، واستبعادهم عن الحكم، والتعامل معهم كمواطنين بلا حقوق، وبالتلازم مع عمل بعض الشخصيات التي تتعامل مع العدو "الإسرائيلي" تم فتح ابواب المناطق الدرزية للجيش الإسرائيلي الذي يطمع بالتغلغل في سوريا واقتناص اللحظة التاريخية التي كان ينتظرها منذ 70 عاماً.
مع تعاطفنا وتأييدنا للأخوة الدروز في سوريا الذين يعانون من الإرهاب الجديد، كما تعاني بقية الأقليات من الشيعة والعلويين والمسيحيين وكذلك السنة غير الموالين للجماعات التكفيرية، لكن عليهم قراءة تجربة المسيحيين في لبنان وكيف دفعوا الثمن نتيجة تعاونهم وطلب الحماية "الإسرائيلية"، وان يصبروا على ما يواجههم من ترهيب واعتقال واعتداءات على العقيدة والناس وعدم التنازل عن وطنيتهم او الانجرار نحو الخيانة بعنوان طلب الحماية !
يصارع الدروز في لبنان وسوريا وفلسطين في معركة "حفظ البقاء" كأقلية تتوزّع على ثلاثة دول ،يحكمها الصراع العربي - "الاسرائيلي"، بالإضافة الى الصراعات الداخلية في لبنان وسوريا، والإشكالية الكبرى هو الاحتلال في فلسطين.
يحاول الدروز ،حفظ التوازن بين الانتماء الوطني والقومي و"حفظ البقاء" الذي يتعرّض لاهتزازات عنيفة وخطيرة، شأن كل الأقليات وشعوب المنطقة منذ بداية الربيع العربي والزلزال الثلاثي الذي أصاب غزة وسوريا ولبنان.
هل ينجح الدروز، بالاحتفاظ بهويتهم الوطنية والقومية، أم ينزلقون تحت ضربات الإرهاب الجديد في سوريا واستدراج بعض الشخصيات العميلة في "إسرائيل" لتحقيق مصالحهم، أم يتعرضون للتذويب العقائدي او التهجير طويل الأمد؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل