حمى الله محارمه

السبت 22 شباط , 2025 11:24 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات- إسلاميات

عَنْ أَبِيْ عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بِشِيْر رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ يَقُوْلُ: ((إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَات لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس،ِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرأَ لِدِيْنِهِ وعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً  أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهيَ القَلْبُ)) رواه البخاري ومسلم  

يعتبر علماء الحديث هذا الحديث الجليل أحد الأحاديث التي يدار عليها الإسلام ككل، فهو أحد أصول الشريعة الإسلامية، ويعتبره الكثيرون من جوامع كلمهﷺ ، وقد حث رسول الله ﷺ على الورع، وعلى ترك المتشابهات في الدين، كما بيّن أن الحلال ظاهر وواضح، وهو كل شيء لا يوجد دليل على تحريمه سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، أو حتى إجماع أو قياس، لأن الأصل في الأشياء الإباحة

كما قد وضح رسول الله ﷺ أن الحرام أيضاً ظاهراً واضحاً، وهو ما دلّ دليل على تحريمه، سواء كان هذا الدليل جاء من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، أو حتى بالإجمال مع توضيح رسول الله لقسم ثالث، وهو الشبهات أو المشتبهات، وهي الأمور التي تكون غير ثابتة الحكم وغير واضحة من حيث الحلال أو الحرام، فلا يعلم الكثيرون إذا كان هذا الأمر حلال أو حرام، وبذلك فهو يدخل في كل الأمور المشكوك فيها، ومن بينها في عصرنا الحالي المال المشبوه أو المخلوط بالربا أو غيره من الأموال المحرمة

ثم أوضحﷺ أن من اجتنب المشتبهات فقد تبرأ لنفسه، فيسلم له دينه من أي نقص، ويبرأ عرضه من الذم والسمعة السيئة، وهذا على عكس من وقع في الشبهات واجترأ عليها فقد عرّض نفسه للخطر، فقد أوشك على الوقوع في الحرام

قد شبه رسول الله ﷺ الواقع في الشبهات بالراعي الذي يرعى حول مكان مخصص للملك يرعى فيه الرعية بإذنه، وقد توعد فيه الملك بمن يتجرأ على الرعي فيها دون إذنه، ويقترب الراعي من الأرض التي يحميها الملك دون إذن من الملك، فقد تدخل ماشية الراعي في حمي الملك، فيستحق الراعي عقوبة الملك، وكذللك من يتهاون بالشبهات، فهو يوقع نفسه في خطر، لأن ربما ما يقوم به حراماً فيقع فيه ويستحق ذنبه، وأنه ربما تساهل في تلك الشبهات، فأدى ذلك به إلى اللامبالاة فيقع في الحرام عمداً وذكر رسول الله ﷺ أن الله جعل لنفسه حمى خاصة به، وحمى الله تلك هي محارمه، أي إن حمى الله هي المعاصي التي حرمها على عباده، فمن تجرأ ودخل حما الله بارتكاب شيء من المعاصي هلك، ومن قارب الوقوع في تلك المحارم بفعله للشبهات كان على مقربة من الخطر، لذلك نهانا رسول الله ﷺ عن الاقتراب من تلك الشبهات

يذكر رسول اللهﷺ كلمة جامعة لصلاح كل حركات بين آدم وفسادها، وهي أن أساس صلاح الجسد كله وأساس فساده مبني على مدى صلاح القلب وفساده، فإذا صلح القلب صلحت إرادة الإنسان، وصلحت بذلك كل جوارحه، فلم تنبعث إلا لطاعة الله، وتجنب سخطه، وما أدى إلى ذلك من صلاح وقناعة بالحلال، وكره الحرام أما في حالة إذا فسد القلب، فستفسد إرادة الإنسان، ما يؤدي إلى فساد جوارحه كلها، ثم تبعث فيه المعاصي، وتجره إلى الوقوع في الكبائر، ما يؤدي إلى غضب الله على العبد، ما يؤدي إلى غضب وكره الإنسان للحلال، بل والإسراع إلى الحرام بحسب هوى القلب وميله عن الحق.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل