الهدف الأساس حفظ المجتمع المقاوم _ د. نسيب حطيط

الإثنين 17 شباط , 2025 03:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يعيش المجتمع المقاوم حالة توتر وانفعال وخيبة وعدم قبول الوقائع المستجدة، نتيجة الضربات القاسية التي تلقاها بشرياً ومادياً ومعنوياً، والتي لا تزال تتوالى عليه بشكل مكثف من عدة محاور، وبقرار أميركي، يهدف إلى اقتناص "الفرصة الذهبية للقضاء على المقاومة في لبنان"، والتي يعترف انها لم تمت بعد، وأنها لا زالت تشكل تهديداً استراتيجياً لمشروع سيطرته على المنطقة، ومع أنه يصرح بأن المقاومة قد انهزمت لكن تصرفاته تكذّب أقواله، فلو ان المقاومة انتهت وانهزمت وتم القضاء عليها فلماذا يواصل الحرب ضد جثة؟
لم تنته الحرب بعد، ويمكن ان تكون أكثر شراسه وخبثاً وخداعاً، وتتلازم مع الحرب الناعمة الذكية الضربات الساخنة، للإطباق على المقاومة وزيادة اعدائها وخصومها في الداخل والخارج، وابقائها وحيدة في ساحة الصراع، وتقطيع أوصالها مع الطوائف والأحزاب والدول، حتى يسهل الإجهاز عليها، وحتى لا نكون نحن أهل المقاومة سببا في تحميل المقاومة فوق طاقتها وإلزامها بالرد في ظروف غير مؤاتية، وهي التي لم تدفن قائدها وشهداءها، ولا زالت تعالج جراحها وجراح أهلها ولا ندفعها لخوض معركة وفق التوقيت الذهبي لأميركا وهي في ذروة قوتها ومحور المقاومة في أصعب أوضاعه.
الهدف الأساس من السلاح ومن التمثيل الحكومي والنيابة وكل الأعمال هو حفظ المقاومة وأهلها ودينها وكرامتها وتحرير أرضها، فإذا كانت الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الاهداف فعلينا الا نتأخر في خوضها، وإذا كانت المهادنة المؤقتة حتى استرجاع القوة الطريق الأفضل لحفظ المقاومة وأهلها، فعلينا سلوكه بعيداً عن العواطف والانفعالات.
لقد أجاز الله سبحانه التراجع الى الخلف أمام العدو بهدف التحفّز للقتال والاستعداد للمواجهة، وإعادة تجميع القوى {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ،إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} دون الاستسلام او الخضوع والإقرار بما يقوله العدو ونحن نمر في هذه المرحلة التي تستدعي العمل بوعي وعقلانية وهدوء دون انفعال او حزن وفق التالي:
-  عدم الضغط على المقاومة ومطالبتها بالرد خلاف مصلحتها، لجهة التوقيت او الوسيلة وعدم اتهامها بالخضوع والذل، حتى لا نزيد اثقالاً فوق أثقالها والأشد إيلاماً لها؛ ظلم ذوي القربى لها سواء بقصد او غير قصد.
- الحفاظ على الأصدقاء والحلفاء، وتقليل الأعداء والخصوم، ومحاولة جذبهم لدائرة الصداقة والتعاون، فإن لم نستطع فعلى الاقل وضعهم في دائرة الحياد .
- استعمال وسائل الاحتجاج والاعتراض التي لا تهدّد السلم الأهلي، ولا تُلحق الضرر بالأخرين ومصالحهم حتى لا يندفعوا ليكونوا ضد المقاومة واهلها ليس بدافع سياسي او طائفي، وانما للدفاع عن مصالحهم . 
- توسعة جبهة المشروع المقاوم وإخراجها من دائرة الطائفية التي نجح المشروع الأميركي وبعض الوقائع في حصرها بالطائفة الشيعية، وإعادة تكوين المشروع الوطني المقاوم.
- الاستعانة بأهل الاختصاص والكفاءة والمصداقية على مستوى الإعلام، لحسن استخدام أسلحة الحرب الناعمة والتي يعاني المجتمع المقاوم من ضعفه فيها، مما يفسح المجال أمام الإعلام المعادي والخصم لاجتياح عقول أهل المقاومة وتلقيحهم بمواقفه من شاشات التلفزة.
- ضبط او استبعاد بعض الوجوه الإعلامية التي اثبتت انتهازيتها ومقاولتها وغدرها او سذاجتها وسطحيتها الفكرية والمعلوماتية والمغالاة والمكابرة وتضليل الرأي العام خلاف الوقائع والتي صارت عبئا على المقاومة وسدّاً بينها والجمهور العام.
إذا كانت المرحلة السابقة تستدعي السلاح ،لحفظ المجتمع المقاوم، فإن حفظ المجتمع المقاوم الآن ، يستدعي الوعي والعقلانية والمهادنة الحذرة، لالتقاط الأنفاس واستجماع القوى وعدم الانزلاق، للمواجهة وفق التوقيت والمصلحة الأميركية .
نناشد اهلنا الطيبين الشرفاء ان لا يكونوا أسرى لمفاهيم خاطئة وغير واقعية، لجهة الاستسلام او الانهزام، فالحرب لم تنته بعد، ومن المبكر ان يقول الأعداء إنهم انتصروا او اننا انهزمنا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل