أقلام الثبات
يستمر الهجوم الأميركي الشامل على المقاومة لاجتثاثها والقضاء عليها على عدة جبهات، وبوسائل وعناوين متعددة.. وتتوالى الهجمات عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً، حيث تعتقد أميركا ان الضربات التي تم توجيهها للمقاومة في الحرب "الإسرائيلية" هيأت الظروف لاجتثاثها من الحكومة والعمل السياسي في لبنان، وشطب نوابها وإلغاء تمثيلهم في الحكومة، لإخراج المقاومة في الانتخابات النيابية المقبلة.
المشروع الأميركي يهدف إلى أن يكون لبنان محميّة أميركية، وتم تكليف جهات متعددة "لتطهير" لبنان من المقاومة، وفق المصطلح الامريكي، لتأمين بيئة آمنة لسفارة عوكر "البيت الأبيض" لمنطقة الشرق الاوسط او "المنطقة الخضراء"، وتقود أميركا الهجوم على المحاور الثلاثة التالية:
- الجبهة الجنوبية: تم تكليف العدو "الاسرائيلي" بالحرب، وتعهّدت أميركا بتمديد الهدنة، لتأمين الوقت اللازم للعدو للقضاء على قدرات المقاومة العسكرية، بالتلازم مع محاولة إذلالها معنوياً أمام جمهورها، وإظهار ضعفها وهزيمتها.
- الجبهة الشرقية على الحدود اللبنانية - السورية: عبر جبهة النصرة بعد إسقاط النظام.
- محور الداخل اللبناني الذي تنفذه بعض الأحزاب ووسائل الإعلام اللبنانية، والضغط على الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية لتنفيذ القرار الأميركي لإخراج المقاومة من الحكم واجتثاثها على الصعيد السياسي والإداري فيما بعد.
تكثّف أميركا هجماتها المتعددة على المقاومة، لمنعها من التقاط أنفاسها أو ترميم هيكليتها واقتناص اللحظة الاستثنائية للقضاء عليها والثأر منها، بعدما استطاعت المقاومة تعطيل المشروع الأميركي بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 82 وضرب قوات "المارينز".
أعلن ترامب أن غزة ستكون تحت الوصاية الأمريكية، وكذلك لبنان دون إعلان، لأنه لا يمكن السيطرة على لبنان مع وجود المقاومة، ولذلك لابد من تشكيل تحالف (لبناني - "اسرائيلي" - سوري) بقيادة أميركا، عبر لجنة ثلاثية تتألف من الجنرال الأميركي رئيس لجنة تمديد الهدنة، وتدمير سلاح المقاومة والسفيرة الأميركية والمبعوثة الرئاسية الأميركية للقضاء على المقاومة وإسقاطها كما تم إسقاط النظام في سوريا، بالتلازم مع محاولة تحريض أهل المقاومة، نتيجة الدمار والخسائر البشرية الذين تعرّضوا لها ومنع أموال الإعمار، لمحاسبتها في الانتخابات النيابية القادمة، وتحاول أميركا "دق إسفين" بين قوى المقاومة في "الثنائية الشيعية"، فَتُظهر رضاها او عدم معارضتها لمشاركه حركة أمل في الحكومة، ومعارضتها لمشاركة الحزب، مما يضع "الثنائية" أمام خيارين:
- رفض الحركة المشاركة الأحادية والتضامن مع الحزب والبقاء خارج الحكومة في مرحلة تستوجب وجود المفاوض الشيعي المقاوم داخل الحكومة التي سَتُصدر قرارات مفصلية واستراتيجية، وهذا ما تريده أميركا.
- قبول الحركة بالتمثيل الأحادي، بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الحزب (بناء على تفويض الحزب للرئيس بري ،بالتفاوض السياسي وربما بالتمثيل الحكومي اذا اقتضت المصلحة) مع تجرّع مشاركة شيعة مستقلين خارج الثنائية (لأول مرة من ثلاثة عقود)، لتثبيت معادلة جديدة تلغي احتكار "الثنائية" للتمثيل الشيعي، وستكون لهذه الخطوة ملحقاتها في الانتخابات النيابية والبلدية والتعيينات الإدارية (الشواغر حوالي 90 مركز شيعي).
المشروع الأمريكي سيكون متوحشاً وقاسياً، لكن لا يعني أنه سينجح، بل يمكن مواجهته بعقلانية وموضوعية دون الخوف او الانهزام، فالمقاومة ليست تنظيماً او نظاماً او شخصاً او قائداً، إنما هي فكرة وعقيدة وشعب، وصحيحٌ ان المقاومة وأهلها قد تعرّضوا لخسائر قاسية ومؤلمة ، لكن من المؤكد ان أميركا لن ترتاح في لبنان، ولن تستطيع السيطرة المطلقة والآمنة عليه ،بل ستعيش على صفيح ساخن، خلاف كل الساحات العربية ولا يمكن ان "تُهجّر" المقاومة من الحكومة والإدارة ومن الحضور الاجتماعي ومن قلوب الناس ،كما تُسقط الأنظمة او تفرض الخوّات المالية على الملوك والامراء!
المقاومة ليست تنظيما أو حساباً بنكياً او صواريخ وأنفاق او وزيرا ونائباً او قائداً ... المقاومة هي الناس الشجاعة والمؤمنة والكريمة ولا يمكن اجتثاث المقاومة ،إلا بقتل كل الناس المقاومين وهذا لن يكون وإذا تم اجتثاث الحزب، سَتُولد مقاومة أخرى بديلة، بإسم جديد...فلستم وحدكم من يجيد تغيير الأسماء..!
الحرب الأميركية لاجتثاث المقاومة ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 07 شباط , 2025 01:03 توقيت بيروت
أقلام الثبات

