"طوفان ترامب".. وتذويب القضية الفلسطينية والدول العربية ــ د. نسيب حطيط

الخميس 06 شباط , 2025 12:07 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعدما استطاع التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" احتواء "طوفان الأقصى" و"طريق القدس"، مع ربح إضافي "إسقاط سوريا" ونقلها الى جبهة العداء للمشروع المقاوم، واغتيال قادة المقاومة وقطع رؤوسها الميدانية التاريخية، وفي مقدمتها "السيد الشهيد" الذي تعتبر أميركا و"إسرائيل" عملية اغتياله "ضربة العصر"، يتابع هذا المشروع هجومه باسم "طوفان ترامب"، لإغراق العالم بقراراته، وتثبيت نفسه "سيد العالم"، فمن ركب في سفينته نجا، ومن تخلّف عن الولاء والطاعة أغرقته امريكا بالقتل والتهجير والحصار والعزل من الحكم!
يتصرّف الفرعون الأميركي "ترامب" المتعجرف المغرور الى حد الجنون، فيفكر ويقرر وينفذ دون اعتبار لأي قانون دولي او مبدأ ديني او إنساني، لكن المشكلة الأسوأ أن أغلب المعنيين ينفذون دون اعتراض، مما يشجع هذا "المجنون العاقل" لمتابعة هجومه ويتصرّف وكأن العالم ملكه الخاص يفعل به ما يشاء.
بدأت اميركا مشروع التذويب للقضية الفلسطينية وتجاوزت مشروع "صفقة القرن" وحل "الدولتين" الى حل "الدولة اليهودية النقيّة"، عبر التهجير المنظّم للفلسطينيين،  بعد 15 شهرا من الإبادة الجماعية المتوحّشة لغزة، وإلغاء الطرف الفلسطيني المقاتل، لإنهاء الصراع العربي - "الاسرائيلي" وفق النظرة الأميركية، لتحقيق أمرين تحتاجهما اميركا في العقود المقبلة:
- تأمين الاستقرار للمنطقة والأمن "لإسرائيل" وإنهاء الحرب بينها والعرب وإبقاء بعض الفلسطينيين كعمال تحتاجهم "إسرائيل" وليس كشعب في أرضه.
- إشعال الحروب بين العرب والمسلمين مذهبياً وقومياً واثنياً، والصراع على الثروات والمياه.
وفق المعطيات والوقائع والتجربة، تعتقد أميركا أن هذه الخطوة قابلة للتنفيذ، عبر توطين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها  وإعطائهم تعويضات مالية مغرية، وكذلك الدول التي ستمنحهم الجنسية، على ان تتكفّل دول الخليج بتأمين الأموال اللازمة بناء للطلب الأميركي، مقابل بقاء الملوك والأمراء في الحكم واستثناء دول الخليج من استقبال اللاجئين الفلسطينيين، حتى لا يتعرّضوا لما تعرضت له الدول التي استقبلت الفلسطينيين (الأردن ولبنان وسوريا والكويت) بالتلازم مع فرض حمل الجنسية الواحدة في كل العالم، لتذويب الشعب الفلسطيني ،كهوية بعد تجربة تجنيسهم في اميركا وأوروبا وانقطاعهم عن قضيتهم.
لقد تآمر العرب وتركيا على محور المقاومة وافترضوا ان "سيّدهم" الأميركي سيكافئهم، لكن أميركا ليس لها أصدقاء ولا حلفاء، بل أتباع وموظفون لمهام ظرفية، فتنتهي أدوارهم عندما تنتهي مهامهم ويمكن ان يتحوّل الملوك والرؤساء والامراء الذين خدموا أميركا وأعطوها أموالهم وتآمروا على اخوانهم ،الى إرهابيين إذا خالفوا أوامرها ورفضوا استقبال المنفيين من غزة والضفة، وبعضهم تحتاج أميركا الى ساعات قليلة لإسقاطهم، وكما قال ترامب: "عليهم ان يفعلوا، لأننا نحميهم للبقاء في الحكم... وسيفعلون".
فَرح العرب وبعض المسلمين لما أصاب المقاومة التي قاتلت بشرف وبكرامة وبثبات ولم تستسلم ولم تمت بعد، لكنهم سيلقون ما لاقته المقاومة وأكثر، مع فارق أنهم سيكونون أذلاء...
هل ينجح "طوفان ترامب" بتذويب الشعب الفلسطيني وإنهاء الصراع؟
هل يستيقظ ما تبقى من العرب والمسلمين للتحالف مع المقاومة لحماية أنفسهم وشعوبهم؟
هل يولد حلف "المتضرّرين والمهدّدين" لمواجهة المشروع الأميركي؟
هل سيقبل الفلسطينيون بالتوطين والنفي والتجنيس؟
الأمور لا تبشّر بالخير على المستوى الفلسطيني، فلم نشهد مظاهرةً او اعتصاماً للفلسطينيين في مخيمات الخارج او في أوروبا او اميركا اعتراضاً على مشروع تذويبهم وتجنيسهم وتوطينهم وإلغاء حق العودة وكأنهم راضون، بل ينتظرون ساعة الخلاص من اللجوء الى المواطنة ولو كانت خارج فلسطين!
لم يجتمع المجلس الوطني الفلسطيني والفصائل الفلسطينية باجتماع طارئ لتوحيد الموقف والاعتراض؟
لم تجتمع جامعة الدول العربية ،كما اجتمعت ضد سوريا المقاومة سابقاً وأعطتها مهلة خمس دقائق للإجابة؟
لم تجتمع الدول الإسلامية والعربية، لعقد قمة طارئة ؟
يبدو أن ما قاله ترامب صحيح: "انهم لا يعارضون، ولا يصرّون على إقامة الدولة الفلسطينية"!
المطلوب من الطوائف والأحزاب اللبنانية اتخاذ موقف حاسم وفق التالي:
- تضمين البيان الوزاري رفض توطين الفلسطينيين أو دمج النازحين وإقرار إعادة النازحين خلال 3 أشهر الى سوريا.
- ربط السلاح المقاوم بتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وعدم توطين الفلسطينيين ودمج النازحين.
لا يزال الوقت متاحاً، للدفاع عن الأمة وثرواتها وعن دينها وكرامتها، ولا يزال الأمل بهزيمة المشروع الأميركي ممكناً وليس مستحيلاً.
هل تتحرّك الشعوب ونُخبها وأحزابها للدفاع عن مستقبلها، أم سنغرق جميعاً في الطوفان الأميركي؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل