لبنان... والتطبيع مع "إسرائيل" ـــ د. نسيب حطيط

الإثنين 03 شباط , 2025 12:13 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بدأت "إسرائيل" محاولات قطف ثمار حربها على لبنان سياسياً؛ في استعادة لمحاولتها الأولى بعد اجتياح عام 1982 وإلزام لبنان باتفاقية سلام "اتفاق 17 أيار"، وكان رائد التطبيع آنذاك؛ حزب الكتائب، بقيادة أمين الجميل، الذي تم انتخابه رئيسا للجمهورية بعد اغتيال أخيه بشير.


 يعتقد التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" ان مشروع التطبيع والسلام مع "إسرائيل" صار ممكناً، بسبب ضعف المقاومة بعد الحرب المتوحشة عليها والحصار المفروض عليها، وإسقاط سوريا "حبل السرة" العسكري للمقاومة في لبنان، فبادر التحالف الأميركي لتكليف بعض النواب والشخصيات السياسية والقوى الحزبية ووسائل الإعلام لطرح المشروع ، لوضع حد نهائي للحرب والانتهاء من قضيه المقاومة وسلاحها نهائياً وحجّة هؤلاء أن العرب وأغلب المسلمين قد طبّعوا ووقّعوا معاهدات سلام، كذلك الفلسطينيين أو نصفهم بما يعرف بالسلطة الفلسطينية ويسألون: لماذا على اللبنانيين أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين انفسهم مادامت أبرز الفصائل تقبل بحل "الدولتين"؛ أي الاعتراف بدولة "إسرائيل"، مما يؤمن إجماعاً فلسطينياً على الاعتراف بدولة "إسرائيل".


  بدأ تضليل الرأي العام بموجبات التطبيع والسلام وفوائده الاقتصادية والأمنية، وحتى على مستوى تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من بوابة "مبادلة الأراضي" بين لبنان و"إسرائيل"، سواء مقابل مزارع شبعا (التي تنازل عنها الوزير جنبلاط وأهداها للجولاني) الغنية بالمياه والموقع الاستراتيجي او بعض التلال الحاكمة في الجنوب، ليكون ترسيم الحدود المُنجز سابقاً والمثبّت في الخط الأزرق، قابلاً لإعادة الرسم، بما يؤمن المطالب الأمنية "الإسرائيلية"، وربما أعطى "الإسرائيليون" جزرة "للشيعة" بإعادة بعض "القرى السبع" التي احتلتها "إسرائيل" أو بعض التطمينات الورقية الوهمية.


يعتقد التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" ان الفرصة ذهبية لإقرار التطبيع وتوقيع اتفاقية سلام مع العدو، نتيجة الظروف التالية:
-  ضعف المقاومة وحصارها بعد الضربات القاسية التي تلقتها في حرب ال66 يوماً.
-  سقوط سوريا الذي أحدث زلزالاً في محور المقاومة، لا يمكن تعويضه.
-  موافقه أغلب الطوائف والأحزاب في لبنان على التطبيع إما جهاراً او صمتاً او حياداً ما عدا الطائفة الشيعية وبعض الاحزاب والشخصيات الوطنية.
- تعيين سلطة سياسية تتمتع بأكثرية نيابية وحكومية وتستطيع تقديم اي اقتراح للتطبيع مع العدو بشكل واضح او مخادع، وربما التطبيع بالمفرّق على طريقة "كاريش"، ثم ترسيم الحدود البرية، ثم مناقشة موضوع المياه ثم التوطين، لتكون كل هذه الملفات مع الترتيبات الأمنية التي وردت في "اتفاق تشرين" والقرار 1701 بمثابة اتفاقية سلام تشابه اتفاق 17 أيار، بل أسوأ منه، لكن بملفات متفرقة وليست بملف واحد!
- امتلاك اكثرية نيابية تتجاوز ال 70 نائباً وربما تصل الى 85 نائباً وتقديم مشروع اقتراح قانون من كتلة الكتائب، لإقرار معاهدة سلام مع إسرائيل او تسميتها بعنوان آخر في نفس المضمون وقد بدأ بعض نواب الكتائب بالتصريح عن حقهم بالمطالبة باتفاقية سلام!


ان الواقع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان يسهّل مشروع التطبيع مع إسرائيل ويحمّل الشيعة وبعض الوطنيين مسؤولية مواجهته ويبدو أنه مع انتهاء الهدنة والانسحاب الإسرائيلي (غير الشامل) ستبدأ معركة سياسية كبرى في لبنان ،لنزع السلاح وإقرار التطبيع، تحت تهديد العودة الى الحرب وَسيوضع الشيعة بين خيارات ثلاث (التطبيع او الحرب او الفتنة الداخلية المذهبية) ويطرح بعضهم معادلة غريبة ..نترك لكم السلاح الذي يحميكم ...واتركوا لنا اتفاقية التطبيع والسلام التي تحمينا.


تم استدراج "الثنائية" لخوض معركة ثانوية ،حول وزاره المالية والتي لم تمنع (عند استلامهم لها) سرقة الودائع ولم تلجم الدولار ولم تحفظ الرواتب ،بينما المعركة الرئيسة هي المعركة السياسية القادمة منع التطبيع والسلام مع "إسرائيل" وقبلهما نزع سلاح المقاومة، فالمعركة وجودية على مستوى الديموغرافيا والسلاح، أما بقية العناوين فهي تفاصيل لا تُسمن ولا تغني عن جوع، ومعارك عبثية ووهمية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل