أقلام الثبات
بعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية على كل من كندا والمكسيك والصين، يجتمع قادة دول الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته في بروكسل يوم الاثنين في 3 شباط الجاري، لبحث كيفية التعامل مع مطالب ترامب في موضوع تعزيز الإنفاق الدفاعي، والتهديد بفرض رسوم جمركية، ومطالباته بالحصول على غرينلاند ورفض الدانمارك هذا الأمر.
وتتشكّل هواجس الأوروبيين من ترامب، من قضايا عّدة أبرزها:
1- زيادة الإنفاق الدفاعي في الناتو:
يطالب ترامب الدول الأوروبية، بزيادة إنفاقها العسكري، من خلال تخصيص ما لا يقل عن 5% من ناتجها المحلي الإجمالي لذلك، وهو رقم لم يحققه أي عضو في التحالف بما في ذلك الولايات المتحدة. وتضيف عودة ترامب إلى البيت الأبيض قلقاً جديداً للأوروبيين، إذ يكرر في كل فرصة أن أوروبا يجب ألا تعتبر الحماية الأميركية أمراً محسوما بعد الآن.
وبالرغم من زيادة إنفاقها الدفاعي، تجد الدول الأوروبية مشكلة في الوصول الى الرقم الذي يطالب به ترامب، وهو ما اعترف به الأوروبيون، ويلخص أحد المسؤولين الأوروبيين ذلك بقوله إن "السؤال ليس إذا كان يجب القيام بذلك أم لا، بل كيف نفعل ذلك".
ورداً على تلك التهديدات، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في كانون الثاني، أن "أوروبا استعانت بمصادر خارجية في كثير من الأحيان لضمان أمنها" وأن "تلك الأيام قد ولت".
2- أوكرانيا
يخشى الأوروبيون من تخلي الرئيس ترامب عن أوكرانيا سواء في وقف المساعدات العسكرية أو على طاولة المفاوضات، وعدم اشراكهم في ترتيبات السلام التي سيتفاوض بوتين وترامب عليها في المرحلة القادمة. كما يخشون من أن يقوم ترامب بإضعاف الأمن الأوروبي عبر تقييد الإنفاق الأميركي في حلف الناتو أو أن يقوم بربط الأمور ببعضها، فيفاوض للحصول على غرينلاند رابطاً الأمر بالأمن الأوروبي والانفاق الدفاعي في الناتو ومهدداً بحرب تجارية على الاتحاد الأوروبي.
الأكيد أن أولوية الأوروبيين حالياً هي أمن القارة ذاتها، وهم سعوا الى هزيمة روسيا في أوكرانيا أو على الأقل استنزافها لتصبح دولة غير قادرة على تهديد جيرانها أو تهديد الأمن الأوروبي، لكنهم يدركون أن الإدارة الأميركية الجديدة لا تشاطرهم هذه التطلعات التي اتفقوا عليها مع الرئيس جو بايدن، والتي كبدتهم الكثير خلال السنوات الثلاث منذ بدء الحرب الأوكرانية.
3- الحرب التجارية وصعود اليمين الشعبوي
ألمح ترامب إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون التالي في مواجهة الرسوم الجمركية، وقال للصحفيين "إن الرسوم الجمركية على سلع الاتحاد الأوروبي المستوردة إلى الولايات المتحدة قد تحدث قريبًا جدًا"، مستثنياً المملكة المتحدة. وأضاف: "إنهم لا يأخذون سياراتنا، ولا يأخذون منتجاتنا الزراعية، ولا يأخذون أي شيء تقريبًا ونحن نأخذ منهم كل شيء. ملايين السيارات، وكميات هائلة من المواد الغذائية والمنتجات الزراعية".
بالتوازي، تتجه العديد من الدول الأوروبية الى انتخابات هذه السنة، ومنها ألمانيا وسيكون لترامب ومساعديه دور في تشجيع اليمين للوصول الى السلطة. ولا شكّ، إن الركود الاقتصادي الذي حصل في أوروبا بعد جائحة كورونا وبتأثير الحرب الأوكرانية، يجعل العواصم الأوروبية أكثر عرضة للتهديدات الأميركية بالرسوم الجمركية، ويعيق الإنفاق الدفاعي الضروري ويغذي الشعبوية اليمينية التي يقوم ترامب وإيلون ماسك بتشجيعها، وهو ما قد يطيح بالقادة الأوروبيين الموجودين في السلطة حالياً، والذين كانوا يفضلون وصول كامالا هاريس الى البيت، وهم من رحبوا بالإطاحة بترامب سابقاً.