أقلام الثبات
يتعرّض المجتمع المقاوم لحرب نفسية قاسية وخبيثة، لهزيمته معنوياً، وإضعافه، وتلقيحه باليأس والتشكيك والاستسلام، وإقناعه بعبثية المقاومة وعدم جدوى الصمود، وان الاستسلام للواقع هو مركب النجاة، وأن تسليم السلاح نجاة من نزعه بالقوة وسلامة للنفس والجماعة، وأن المشروع الأميركي قد انتصر وسيطر على المنطقة، وان المشروع المقاوم قد انهزم ولا قدرة لديه على الصمود او المواجهة، وعليه القبول بولاية "السيد الأميركي" حتى يمنحه بطاقة "عبد مطيع" ويضمن له رغيف الخبز وشربه الماء مقابل الولاء.
صحيحٌ أن المقاومة قد أُصيبت بضربات قاسية ومؤلمة، وأن المجتمع المقاوم يعيش حالة الحصار من كل الجهات، وتكاثر الخصوم وتوحّش الأعداء وقلّة المناصرين والحلفاء، فاستسلم الكثيرون وشهروا خناجرهم لطعن المشروع المقاوم، وان المجتمع المقاوم صار "الفئة القليلة" المُحاصرة التي يسعى الكثيرون لقتلها ووأدها حتى يأنس بغنائمها ويسيطر على المنطقة وينهب ثرواتنا..
صحيحٌ أننا نعيش اسوأ وأصعب الأوضاع ويهدّدنا الأعداء، بوجودنا ومحو ديننا ومعتقداتنا وتهجيرنا واستضعافنا، ويتكاثر الشامتون بنا والحاقدون علينا الذين يعتقدون أننا نحتضر وعلى مشارف الموت والنهاية، فيجتمعون حول نعوشنا ليتقاسموا ممتلكاتنا، لأنهم يعتقدون ان لا رجعه لنا وأننا انتهينا!
صحيحٌ أن لا تكافؤ في القوى المادية العسكرية والاقتصادية والمالية والإعلامية بيننا والقوة العظمى اميركا وحلفائها، وأنهم أكثر عدداً وعتاداً ومالاً وتوحشاً..
صحيحٌ أننا خسرنا معركة وأننا لم ننتصر، بالمعطى المادي بالشكل المطلق والواضح، لكن الانتصار يعتمد التأويل والشرح وفق عقيدتنا التي تقول اننا منتصرون إذا قاتلنا في سبيل الله سواء أُستشهدنا او انتصرنا وبقينا على قيد الحياة لأننا ندعو الله ان يرزقنا إحدى الحسنين النصر او الشهادة، وقد نلنا على الأقل وبشكل واضح وأكيد "الشهادة" وبعض النصر، لأن العدو لم ينتصر بالشكل المطلق وألا لأكمل حربه ولم يقبل بوقف النار.
لكن لابد من توضيح بعض افعال المجد والفخر والاعتزاز والكرامة التي تدحض انهزامنا وانكسارنا، وليس عيباً ان نخسر معركة، فتاريخ الحروب ينتج منتصراً وخاسراً... لكن العيب ان تخسر معركة عندما تلقي سلاحك او تنسحب من المعركة او تستسلم بلا قتال وتنهزم قبل المعركة او في وطيسها.. ونحن لم نفعل كل ذلك؛ لم نستسلم، ولم نلق سلاحنا، ولم نهرب من الميدان، ولم ننهزم..
والجواب يكتبه الميدان والوقائع.
- خضنا حرباً استمرت 60 يوماً بين آلاف من المقاومين المجاهدين لا يتجاوز عددهم الخمسة ألاف الذين واجهوا 50,000 جندي "إسرائيلي"، تدعمهم الطائرات والدبابات والبوارج، يقاتل 5000 فيستشهد أكثر من ثلاثة ألاف وتنتهي الحرب بلا جرحى بلا أسرى.. ولا يسجل هروب مقاوم واحد.. والدليل أن جثامين الشهداء ترابط في كل بيت وقرية وحقل ووادي وتلة، مع بنادقها دون ذخيرة.. قاتلوا حتى الرصاصة الأخيرة، فهل تكون هذه هزيمة؟!
- ستون يوماً ولم يتقدم الجيش "الإسرائيلي" بدباباته وطائراته أكثر من كيلومترات لا يستطيع الاستقرار فيها وأجبره المقاومون ان تكون سرعة دباباته 100متر في اليوم الواحد، بينما كانت سرعة الدبابات في اجتياح عام 82 ...40 كيلومترا في اليوم الواحد حتى وصل الى العاصمة بيروت، فهل هذه هزيمة؟!
- قَبل العدو وقف النار بعد 60 يوماً ووقّع على حق المقاومة بالدفاع عن النفس في حال حصول العدوان، بينما لم يرض بوقف النار في غزة إلا بعد 15 شهراً (مع وجود أسرى له)، فهل هذه هزيمة؟!
- تقود أميركا المعركة ضد المجتمع المقاوم عسكرياً وسياسياً ومالياً وإعلامياً، وتقول إن الرئيس الأميركي ترامب لن يزور لبنان لافتتاح "القاعدة العسكرية سفارة عوكر" إلا بعد القضاء على المقاومة، فهل يعني ذلك ان المقاومة قد انتهت او انهزمت؟
- يحتشد العالم ضد المجتمع المقاوم في الداخل والخارج ويعتقد ان لا أمان له ولا سيطرة له ولا انتصار إلا بعد القضاء على المقاومة ويعترف ان المقاومة لا زالت حية ولم تنهزم.
نحن أبناء عقيده تقول إن الحرب بدأت منذ "طوفان نوح" ومع الأنبياء والرسل والأئمة والصالحين الذين ربحوا معارك وخسروا أخرى... لكن في نهاية الحرب الإلهية، سيكون النصر للأمة المؤمنة والمسلّمة أمرها لله سبحانه عند ظهور الامام الحجة المنتظر، والحرب لم تنته "بطوفان الأقصى".
معهم أميركا... ومعنا الله سبحانه طالما نحن معه... والله أكبر من كل شيء وأقوى من كل شيء ،فنحن جنود القوة الأعظم التي سيفنى كل شيء في العالم ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام...إذن نحن منتصرون.
لا تيأسوا.. ولا تخافوا... لا تنهزموا... أيام عجاف ستنتهي وستعود كلمه الله هي العليا وكلمة الكافرين والفاسدين هي السفلى.. وما النصر الا من عند الله... وانتظروا الأيام القادمة...
رسالة ونداء إلى أهلنا الشرفاء: لا تيأسوا... لسنا مهزومين... وسننتصر _ د. نسيب حطيط
الأحد 02 شباط , 2025 03:52 توقيت بيروت
أقلام الثبات

