حقائق عن التصوف... مقام الإخلاص

الثلاثاء 28 كانون الثاني , 2025 06:51 توقيت بيروت تصوّف

الثبات- تصوف

الإخلاص

تعريفه: قال أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى معرفا الإخلاص: الإخلاص إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح لمخلوق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى

وقال: ويصح أن يقال: الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين

وقال أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى: الإخلاص: التوقي عن ملاحظة الخلق، فالمخلص لا رياء له

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما

وقال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: الإخلاص سرّ بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى: حق المخلص أن لا يرى إخلاصه ولا يسكن إليه، فمتى خالف ذلك لم يكمل إخلاصه، بل سماه بعضهم رياء

هذه الأقوال والعبارات المتنوعة في الإخلاص ترجع إلى مقصد واحد وهو أن لا يكون للنفس حظ في عمل من الأعمال التعبدية، الجسمية منها والقلبية والمالية، وأن لا يرى إخلاصه

 أهميته في الكتاب والسنة:

لما كان قبول الأعمال موقوفا على وجود الإخلاص فيها، أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسّلام بالإخلاص في عبادته تعليما لهذه الأمة فقال: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصًا لَهُ اَلدِّينَ}  وقال: {قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}   وقال عز وجل: {فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَهُ اَلدِّينَ}  

كما أمر الله تعالى خلقه أن تكون جميع عباداتهم القولية والفعلية والمالية خالصة له تعالى، بعيدة عن الرياء فقال: {وما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ} وأوضح الحق سبحانه أن السبيل إلى لقاء الله تعالى يوم لقيامة لقاء رضى وإنعام هو العمل الصالح الخالص لوجه الله، السليم من ملاحظة الخلق فقال: {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحًا ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}  

وجاءت الأحاديث الشريفة توجّه العبد إلى الإخلاص في جميع أعماله وتحذّره أن يقصد بعبادته ثناء الناس ومدحهم وتبين أن كل عمل لم يتصف بالإخلاص لله تعالى فهو مردود على صاحبه، وتوضح أن الله تعالى لا ينظر إلى ظاهر أعمال العبد، بل ينظر إلى ما في قلبه من النوايا والمقاصد، لأن الأعمال بالنيات، والأمور بمقاصدها

وقد سمى الرسول صلّى الله عليه وسلّم الرياء شركا أصغر تارة، وسماه شرك السرائر تارة أخرى وأخبر أن الله تعالى سوف يتبرأ من المرائي يوم القيامة، ويحيله إلى الناس الذين أشركهم في عبادته

 وهذه بعض الأحاديث الشريفة التي تبين أهمية الإخلاص وتوضح هذه المعاني المذكورة:

١ - عن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أ رأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا شيء له، فأعادها ثلاث مرات، ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا شيء له، ثم قال: إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتغي به وجهه))

  ٢ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم))

 ٣ - عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((من صام يرائي فقد أشرك، ومن صلى يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك))

 ٤ - وعن محمود بن لبيد قال: خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((يا أيه الناس إياكم وشرك السرائر)) قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: ((يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر))

 ٥ - وعن محمود بن لبيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر))، قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: ((الرياء. يقول الله عز وجل إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء))

٦ - وعن أبي سعيد بن أبي فضالة رضي الله عنه، وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك))


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل