شهداء العودة الى الجنوب كتبوا البيان الوزاري.. ورُفِعَت الجلسة... ــ أمين أبوراشد

الثلاثاء 28 كانون الثاني , 2025 11:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كما رفوف طيور المواسم التي تحجب الشمس، حجبوا بمشهديتهم كل رؤية خارج إطار صورة العودة إلى الجنوب.
ما انتظروا أحداً، ولا هابوا أحداً، ولا أوقف أحدٌ زحفهم الى البلدة أو الضيعة أو الرزقات، لأنهم يمتلكون خارطة الطريق، ونبضاتهم هي التي قادتهم بين الركام الى حيث زاوية المهجع في مسقط الرأس، ولو سقط بعضهم شهداء وجرحى، على ترابٍ ينتشي بدماء الشهادة، في سهول الزيتون وحقول التبغ.

وفوراً ودون مقدمات، كتبوا على أرض الواقع "بيانهم الوزاري"، ليس بحبر البيانات الوزارية ولا شكاوى مجلس الأمن، لأن تراب الجنوب اعتاد على أحمر الشهادة.

بيانهم مقتضب: فريق يرفع جثامين الشهداء، وفريق ينقل الجرحى، وفريق يضع خطة "اليوم التالي" للدخول الى بلداتهم بمواكب واحدة صباح الإثنين:
الساعة السابعة، إلى بليدا وميس الجبل.
السابعة والنصف، إلى الخيام والعديسة ومركبا وعيتا الشعب.
التاسعة إلى عيترون...
وصباح الإثنين، سطَّرت عيترون حكاية النصر، حين راوغ الصهيوني بالانسحاب وتقرر دخول الجيش اللبناني بجرافاته ومدرعاته وخلفه أبناء عيترون على مرأى من جنود العدو وأمام كاميرات وإعلام العالم بأسره، واستشهد أب بين أحضان عائلته في السيارة برصاص هذا العدو وأدمت القلوب صرخات ابنه يكرر كلمة بابا...

مجانين، قلنا عنهم في العام 2000، وعندما رأيناهم يشبكون الشريط الشائك بمجنزرات العدو المُندحرة والأقدام الصهيونية النجسة المهرولة، اقتنعنا أن الأوطان لا يُحررها سوى مجانين الكرامة.
وقلنا عنهم مغامرين في العام 2006، فصهروا فولاذ الدبابات بأجساد المُعتدين، وبين العامين 2024 و2025، ورغم الأثمان الموجعة، أثبتوا للعدو الصهيوني أن دخول البر اللبناني كلفته قبور تبتلع الواهمين.

وقد يقول قائل، أن اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب العدو خلال مهلة الستين يوماً، لم يكن اتفاقاً ضامناً لتاريخ الانسحاب الفعلي، بدليل تمديد المهلة حتى الثامن عشر من شباط، والجواب: العدو الصهيوني مذعور، ويخشى مغادرة التلال اللبنانية المشرفة على مستوطناته وعلى بلدات جنوب الليطاني، وبالتالي،
انسحب من القطاعين الغربي والأوسط، واستمهل الانسحاب من القطاع الشرقي، لأنه بصدد بناء أبراج مراقبة داخل مستوطناته الشمالية، تضاهي ارتفاعات التلال اللبنانية، بهدف تشجيع مستوطني الشمال للعودة إلى مستوطنات هربوا منها ويخافون العودة إليها، ويعيشون نوبات هلع ورعب من عودة حزب الله إلى الحدود.

ومشهدية العودة المُظفَّرة إلى بلدات وقرى الحافة الحدودية، استلزمت "شهداء عودة" مع عشرات من الجرحى، نتيجة الطبيعة الجبانة للجنود الصهاينة عندما اقتربت جحافل العائدين من فوهات دباباتهم ولكن، من المؤسف أن بعض الإعلام اللبناني الأصفر جارى العدو في تكهناته، أن هؤلاء الذين اقتربوا من آليات العدو هُم أشخاص "مُشتبه بهم"، وحلل هذا الإعلام البغيض للعدو إطلاق النار على العائدين.

وهنا لا بد من التوضيح لهذا الإعلام الأصفر، وللوجوه السياسية الصفراء التي استعجلت ولادة لبنان "ما بعد حزب الله"، أن أبناء القرى الحدودية العائدين هم أهل حزب الله والمقاومة، وأن مقاتلي حزب الله في الجنوب هم أبناء تلك الأرض والبلدات والقرى، وإذا كانت لدى "إسرائيل" قدرة التمييز بين مئات الألوف من أبناء شمال غزة الذين انهار أمامهم محور نتساريم للعودة إلى أرضهم على جثة "خطة الجنرالات"، ومَن منهم ينتمي لحماس ومَن هو مدني، فهذا من المستحيلات، وأيضاً فإن "إسرائيل" وأذنابها في لبنان لا لزوم لمحاولتهم التمييز بين مَن ينتمي لحزب الله والمقاومة ضمن قافلة العائدين، لأن كلهم من كلهم جيش وشعب ومقاومة، وهنيئاً للبنان بهذه المعادلة، سواء كتبتها الأيدي في البيان الوزاري، أو طبعتها أقدام المقاومين على تراب الجنوب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل