اللبنانيون يسألون: من يحمينا بعد تجربة الهدنة؟ ــ د. نسيب حطيط

الخميس 23 كانون الثاني , 2025 09:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يستعجل بعض اللبنانيين والقوات الدولية تنفيذ القرار 1701 على كل لبنان، ووجوب التزام المقاومة "باتفاق تشرين"، وقد التزمت بحكمتها وعقلانيتها وحنكتها، ولم يلتزم العدو ولا القوات الدولية.
تطالب القوات الدولية المقاومةَ بنزع سلاحها، وهي تصدر البيانات وتقدم الشكاوى ضد القوات "الإسرائيلية" التي دمّرت ابراجها ودخلت مواقعها وقطعت الطرقات عليها وتقول صراحة ان "اسرائيل" تخترق القرار 1701، ونسأل: إذا كانت القوات الدولية المكلّفة بتطبيق القرار 1701 وإلزام الطرفين (اللبناني و"الإسرائيلي") به، وحماية اهل الجنوب المدنيين من الاعتداءات "الإسرائيلية"، فإذا بها تستغيث وتطلب حماية جنودها ومواقعها من القصف "الإسرائيلي"!
 وهنا يسأل الجنوبيون خصوصاً: إذا كان القوات الدولية التي يُفترَض ان نحتمي بها وتحمينا تطلب الحماية لنفسها فمن يحمينا ويحميها؟
ولا ينسى أهل الجنوب "مجزره قانا" عندما لجأت النساء والاطفال الى مركز القوات الدولية ،فأحرقتهم اسرائيل مع القوات الدولية وفاز وزير الدفاع "الإسرائيلي" شمعون بيريز بجائزه نوبل للسلام تقديراً وتكريماً له لإحراق أطفال الجنوب في مركز القوات الدولية!
قصفت القوات "الإسرائيلية" مراكز الجيش اللبناني وقتلت ضباطه وجنوده وقطعت الطرق عليه بسواتر ترابية ومنعته من الدخول ثم طردته من المواقع التي عاد اليها في هدنة الستين يوماً، ولا يستطيع الجيش الدخول الى اي قرية لبنانية إلا بعد الإذن "الإسرائيلي"، وبمرافقة القوات الدولية، وإذا رغب الجيش "الاسرائيلي" بالعودة في اليوم التالي على الجيش أن يخرج وإلا تعرّض للقصف "الإسرائيلي"، وعلى الجيش اللبناني الوطني "المقهور" بالقرار السياسي الا يطلق النار على الجيش "الاسرائيلي" الذي يقتله او يمنعه، وهذا ليس ضعفاً من الجنود والضباط الشرفاء، لكنه ضعف التسليح والإمكانيات والقرار السياسي الذي يمنع عليهم اطلاق النار او مواجهة الجيش "الإسرائيلي".
إذا كان الجيش اللبناني الذي نستند اليه ونحتمي به بحاجه إلى "حماية لنفسه"، فكيف باستطاعته ان يحمينا ويحمي نفسه؟
ويسأل اللبنانيون وأهل الجنوب والضاحية والبقاع، هذه المناطق التي يصنّفها العدو "الإسرائيلي" مناطق عدوة ومناطق عسكرية تحت الرقابة والقصف، من يحمينا من العدوان "الإسرائيلي" إذا تم سحب سلاح المقاومة التي حرّرت ارضنا بعد 22 عاما من القرار الدولي 425 والتي منعت العدو من العدوان والتوغل البري من 2006 الى العام 2024؟
فإذا كانت القوات الدولية عاجزة او ممنوعة من التصدي للعدو "الاسرائيلي" ومهمّتها ان تساعده في الدوريات لكشف الأنفاق والسلاح المقاوم في لبنان.
 وإذا كان الجيش اللبناني عاجزاً عن المواجهة ، لعدم توازن القوى وضعف التسليح وانعدام القرار السياسي بالمواجهة.
 وإذا كانت المقاومة مجرّدة من السلاح وممنوعة من القتال ، يعني ذلك السماح للعدو الاسرائيلي باستباحة لبنان وتهديد أمنه وعلى اللبنانيين الاستسلام ورفع الرايات البيضاء وتحوّلهم الى عبيد يقتلهم العدو ساعة يشاء، ويتحوّل الجيش والقوات الدولية الى "ضابطة عدلية" ودوريّات تنفيذية لتنفيذ وتفتيش المواقع العسكرية، بناء على طلب العدو عبر لجنة الإشراف على تنفيذ "اتفاق تشرين" التي لا تنفذه إلا ما يتعلق بالطرف اللبناني وتبرّر مخالفات العدو وخرقه للاتفاق!
قال الإمام الصدر بعد قرار إرسال القوات الدولية الى الجنوب: "إن وجود " البوليس الدولي" - القوات الدولية والإصرار على ضعف الجيش اللبناني يهدفان الى تحييد لبنان عن قضية الصراع العربي - الإسرائيلي..."، ويبدو ان هذا المعادلة لا تهدف فقط الى تحييد لبنان، بل لاحتلال لبنان (احتلال المناطق المقاومة) في لبنان، بالواسطة عبر القوات الدولية وعبر القرارات الدولية وعبر النظام السياسي اللبناني.
على مشارف انتهاء الهدنة ينتظر اللبنانيون وخصوصاً أهل الجنوب والضاحية والبقاع الإجابة  على هذه الأسئلة، مع التأكيد ان مسالة نزع سلاح المقاومة دون ايجاد بديل آمن ومضمون سواء عبر القرارات الدولية او الحكومة اللبنانية او اي صيغة أخرى من خلال "الإستراتيجية الدفاعية" لحماية لبنان من الجنوب ومن الشرق، فإن مساله تسليم السلاح أمر مستحيل وإذا رضيت المقاومة تسليم سلاحها  تحت الضغوط ،،فإن مقاومة اخرى اسمها كل اللبنانيين الشرفاء، سيحملون السلاح كما حملوه عام 1982 عندما كانوا تحت الاحتلال بلا معين ولا ناصر وكان بمواجهة الجيش اللبناني الفئوي "آنذاك" الجيش ضدهم والمتعددة الجنسيات والاحتلال "الإسرائيلي".
لن يعود الجنوب كما كان قبل عام 82 أرضا مستباحة للعدو، ولا نقبل ان يبتسم لبنان ويبقى جنوبه وضاحيته وبقاعه متألمين ومشرّدين ومقتولين وهذا لا يعني ان أهل الجنوب سيبادرون لمقاومه عبثية او انفعالية في اليوم التالي لانتهاء الهدنة ،فهم أهل العقل والشجاعة والصبر والتجربة والميدان ، كما كانوا وسيبقون أهل الكرامة والعزّة ...ولن يستسلموا ولن يسلموا سلاحهم إلا عند وجود الحامي والضامن الصادق والمقتدر.
لا تفكّروا بنزع السلاح، قبل تأمين البديل الآمن والحقيقي، فلسنا هواة حرب مستمرة لا تنتهي نريد العودة الى مدارسنا وجامعاتنا وحقولنا ومصانعنا وقد اضطررنا لحمل السلاح ،بغياب الدولة وتأمر المجتمع الدولي وتوحش العدو "الإسرائيلي"، وصرنا طرائد وفرائس للذئب "الإسرائيلي"...
بانتظار اجوبتكم... سنبقى على سلاحنا العاقل والشجاع..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل