أقلام الثبات
يتقدّم المشروع الأمريكي الشامل، للسيطرة على المنطقة وثرواتها وحماية الكيان "الإسرائيلي"، الذي ظهر عاجزاً عن حماية نفسه وتأمين المصالح الأميركية، لاسيما بعد عشرية "الربيع العربي" التي أنهكت العالم العربي وفكّكته ودمّرت الدول القائمة وتركتها إما مقسّمة او فوضوية او غير مستقرة وقد سجّل المشروع الأمريكي أحد اهم أهدافه الاستراتيجية، وهو إسقاط "سوريا" واخراجها من منظومة المقاومة او الدول المؤثرة في العالم العربي، وسلّمتها لجماعات تكفيرية تقودها "تركيا"، ولا يمكن ان ترقى الى مستوى الدولة بمفهومها القانوني او بمؤسساتها الاصطلاحية، بل مجموعة أفراد وجماعات ميليشياوية تجمعها المصالح المؤقتة، ويمكن ان تتقاتل في اي لحظة وفق البرمجة الأميركية لدورها ووظيفتها .
لقد استطاع التحالف الأمريكي توجيه ضربات قاسية لمحور المقاومة في غزه والضفة الغربية (التي سيتفرّغ لتمشيطها مع السلطة الفلسطينية وانهاء المقاومة المسلّحة) ولبنان واسقاط سوريا وينتقل الآن الى مرحلة جديده لحماية إنجازاته ومصالحه، لإسقاط فكرة "المقاومة المسلحة" ضد "إسرائيل" او الوجود الأميركي في المنطقة، وستكون ركيزة المرحلة الثالثة إشعال الفتن:
- الفتن السّنية - الشيعية
- الفتن الإثنية والقومية بين الأكراد والعرب وبين الأمازيغ والعرب والفرس والعرب والأتراك والعرب والأتراك والفرس.
- الفتن بين ما تبقى من المسيحيين والمسلمين ، ،والهدف تفكيك مصر الدولة العربية الكبرى، واشعال الصراع بين الإخوان المسلمين والنظام، ثم بين المسلمين والأقباط" وصولا لتأسيس "دولة الأقباط" في مصر؛ كما حصل في جنوبي السودان!
يتم تنفيذ هذا المشروع ،وفق لما أطلقه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نتنياهو "تغيير معالم الشرق الأوسط " ديموغرافياً وسياسياً وكيانات وسيتم إشعال الفتنه السّنية - الشيعية "لتصفير" القوى المسلحة لكلا المذهبين خصوصاً انها لا تحتاج الى كثير من الجهد والتحريض، فالبيئة الإسلامية مع الأسف في كثير من الأحيان حاضرة للصراع مع بعضها بمجرّد استحضار اي حادثة تاريخية أو أن تهدم "مقاماً مقدّساً" عند الشيعة او ترويج اشاعة بين "السّنة" عن شتم الصحابة لبدء الحرب بينهما، والتي ستسمح الجغرافيا المفتوحة بين الدول لامتدادها واشتعالها بسرعة بعد سقوط سوريا التي أسقطت الحدود بينها والدول المحيطة عمليّاً، وأمّنت جغرافيا مفتوحة بين لبنان وسوريا والعراق والتي تُعتبر، الجغرافيا الأساسية للفتنة الشيعية - السّنية الكبرى واشعالها سيؤدي الى إنهاك حركات المقاومة اللبنانية والعراقية والفلسطينية و(الجماعات التكفيرية التي سيتم التخلّص منها بعد أداء وظيفتها) كما حصل مع "الأفغان العرب "في افغانستان بعد انتهاء وظيفتهم ومهامهم ضد الاحتلال السوفياتي!
ان هذا المشروع الفتنوي المدمّر وفي حال نجاحه سيؤمن أمناً واستقراراً، للمشروع الأميركي - "الإسرائيلي" والغربي لعقود طويلة ولابد من مواجهته قبل وقوعه، لأن حصاره ، قبل اشتعال ناره أسهل وأقل خسارة وكلفة لإنقاذ الأمة وشعوبها من المحرقة الكبرى .
المشكلة في شعوبنا وأحزابنا وقياداتنا، انها تعمل وفق المياومة السياسية والفكرية وردّات الفعل، لمعالجة الأحوال والفتن الطارئة ولم تبادر يوما الى التخطيط والدراسات والبدء بالفعل الإيجابي، لتحسين ظروفها وتحقيق أمنها وعلينا جميعا البدء بحوارات بين الجماعات المسلّحة الإسلامية وكذلك بين المؤسسات الدينية والعمل على إعلام وحدوي وإطفاء الإعلام المذهبي الفتنوي والاستعداد لمواجهة المؤامرات القادمة.
ان إغماض العين عن المؤامرات القادمة، خاصة بعدما سيطرت اميركا على المنطقة واخرجت روسيا من سوريا الذي كان حلمها التاريخي والعمل على إخراج إيران من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين عبر إخراجها من القضية الفلسطينية وإدخالها في الصراع القومي العربي - الفارسي والصراع المذهبي السني - الشيعي، سيسّهل الطريق امام الانتصار الأميركي الشامل.
لا تنتصر امريكا بقوتها فقط ،بل بالفرقة والتشتت الذي تعيشه الأمة والمعارك بين مكوناتها وتغييب العقل المخطّط الذي يستطيع قيادة المعركة، لمواجهة هذا المشروع وإسقاطه في جبهاته الإعلامية والثقافية والفكرية والتي اصبحت من العناصر المؤثرة وتحديد النصرة او الهزيمة، بالتلازم مع المعركة العسكرية، ويبدو ان أطراف مقاومة المشروع الأميركي لا زالوا يستندون على المعركة العسكرية والمعنويات، ويهملون بقية محاور المعركة، ولذا يخسرون إعلامياً وسياسياً.. حتى لو انتصروا.
التحضيرات الأميركية للحروب المذهبية والطائفية والقومية ــ د. نسيب حطيط
الأربعاء 22 كانون الثاني , 2025 10:42 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة