غزة ليست أرضاً طبيعية

الأحد 19 كانون الثاني , 2025 03:10 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة
بدأ في يوم الاحد الواقع في 19- 1-2025 تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحركة حماس على مرحلتين، بوساطة مصرية – قطرية، ورعاية أميركية أوروبية، والبعض يطلق على الدبلوماسي الأميركي - مهما كان منصبه - "وسيط"، وهذا الوسيط - مجازاً - كان دائماً يقول: "لم يثبت لدينا ان هناك إبادة جماعية.. يجب على إسرائيل محاولة خفض اعداد القتلى في صفوف الفلسطينيين.. الضغط مستمر على حماس لقبول شروط إسرائيل".. في المقابل كان هناك صمود شعبي أولاً، واحتضان لاولاد المقاومين والمدافعين عن حقهم في الحياة على ارضهم بكرامة وتحرير اسراهم من سجون العدو في بقعة جغرافية صغيرة جدا لا تتجاوز 365 كلم ذات كثافة سكانية عالية، وتوصف بانها الأعلى في العالم.  
  في الجانب الاخر من الصورة كان هناك من يكتب عن الشعب الفلسطيني في غزة بإعجاب، ولكن افعالهم كانت تدل على اجرامهم ومشاركتهم النشيطة في جرائم الحرب في قطاع غزة، ونبدأ بالإشارة الى وصفهم خبراء عسكريين غربيين، وعلى راسهم الاميركيون في عدد من ابحاثهم، والغاية طبعا محاولة تحسين أداء ادارة الحرب للقضاء على الشعب الفلسطيني، عبر القتل او التهجير، وهذا ليس جديداً، فقد كانت هناك عدة محاولات منذ العام 1956، ومصيرها كان الفشل بفضل التضحيات والصمود والتمسك بالأرض.
 هناك قوة خفية في غزة، لا يمكن أن يكون استمرار الحرب بسبب مقاتلين حماس. لقد قامت أميركا ودول من أوروبا بتمويل الأسلحة إلى "إسرائيل"  وما تم نقله من أسلحة يكفي لإبادة مساحة تعادل عشرة أضعاف مساحة غزة.. وتعادل ستة قنابل نووية تكفي لحرق الأرض.. وتمنع أي بشر من الإقامة فيها بشكل غير قابل للحياة فيها أبداً… أميركا لوحدها أرسلت أطناناً من الذخيرة والقنابل بكافة أنواعها، عدا عن الذي كان في المستودعات الأميركية في النقب، وعدا عن الذي أرسلته ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا.. وسماء غزة ازدحمت بطائرات التجسس من كافة الأنواع؛ "الإسرائيلية" والأميركية والبريطانية والفرنسية والألمانية، والتي تصور بكل دقة واحترافيّة كل حركة على سطح الأرض، لكن الغريب كيف يخرج هؤلاء المقاتلون ويدمرون آليات الجيش ويقتلون ويقنصون ويزرعون المتفجرات وعمل كمائن أوقعت في الجيش تدمير ما يقارب ثلث آليات إسرائيل وآلاف من القتلى والجرحى.. والطائرات لا ترصد إلا القليل والنادر جدا منهم. مساحة غزه 365 كم مربع، ومساحة المساكن المكتظة تعادل 75% من مساحة غزة.. قصف الطيران بعشرات الآلاف من الصواريخ وعشرات الآلاف من القنابل وقذائف المدفعية من البر والبحر والطيران المسير وطائرات اف 15 واف 35 وطائرات الأباتشي. لم يبق سلاح إلا واستُخدم بكميات هائلة ومفرطة.. أميركا تقيس عدد القتلى بأنه قليل جدا بالنسبة لكمية الأسلحة التي أرسلتها.. ولذلك تدافع عن "إسرائيل" بأنها تتوخى الحيطة والحذر… هذا تزييف للحقيقة، فأميركا تخلصت من كل أسلحتها المكدسة لديها والجيش "الاسرائيلي" كان يستهدف التجمعات المدنية بقصد، والمجازر كثيرة، وأميركا تبرر ذلك وفقا لما تقوله إسرائيل.. هم يعرفون الحقيقة لو انفجرت كل الصواريخ والقنابل لما بقي شيء حي على وجه الأرض. هناك معجزه وهناك مقاتلون لا نراهم.. إنها العناية الإلهية.. انظر كيف نشاهد المقاتل يذهب إلى الآلية ويضع عليها القنبلة بكل صلابة وقوة.. إنه رهيب ومخيف جدا.. إنه يقاتل بإرادة، وسينجح.. انظر كيف الأطفال يلعبون بالصواريخ دون خوف، لو كان في بلدنا أو أي بلد متقدم سيستدعون الكتيبة الخاصة بالسلاح ومعهم سلاح الهندسة وخبراء المتفجرات ويضربون طوقا أمنيا لذلك.. قل لي: من يحمي هؤلاء الأطفال؟ إنها العناية الإلهية. لقد نجح المقاتلون في تدوير بعض هذه الصواريخ وفجروا فيها آليات كثيره في كمين واحد.. هؤلاء ليسوا بشراً، فأين تلقوا هذا التدريب الذي لا مثيل له؟!
الجيش "الاسرائيلي" يعتمد على القصف الجوي، ونحن كقادة في الجيش نعلم أن الطيران لا يمكن أن يحسم معركة.. وقصف "إسرائيل" هو عشوائي، فليس لديها أي معلومات عن معاقل المقاتلين ولا مخططات الأنفاق.. ولا تجيد القتال داخل المدن.. "إسرائيل"  ورطت نفسها في حرب لا تستطيع حسمها، بل كشفت أكثر وأكثر عن ضعف جيشها ومعلوماتها الاستخباراتية. ستحتاج "إسرائيل" إلى عشرات السنين لبناء جيشها بشريا ونفسيا، وإيجاد روح القتال لديه، وهذا لا يمكن تحقيقه والوصول إليه كما هو حال المقاتلين في غزة". انتهى النقل.
هناك ثرثرة في الصالونات السياسية العربية والغربية حول تهجير الفلسطينيين من غزة بشعارات إنسانية كمرافقة الجرحى للعلاج في الخارج، وخروج عائلات بأكملها بانتظار إعادة الاعمار والعودة لاحقا، وفتح باب الهجرة الى دول غربية، وكل ذلك لتحقيق أحد اهداف العدوان وهو انهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهذا لم يحصل وهم تحت النار ولن يحصل تحت التهديد بعودة الحرب على غزة.

جعفر سليم


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل