أقلام الثبات
بعد ثمانية أيام تنتهي هدنة "الستين يوماً"، والتي واصل فيها العدو "الإسرائيلي" حربه على لبنان من طرف واحد، واستباح جنوبي الليطاني، وقام بتمشيطه وتدمير كل مواقع المقاومة وتحصيناتها التي اكتشفها ومصادرة سلاحها، بالتعاون مع القوات الدولية والطائرات الأميركية دون اعتراض من الجيش اللبناني او المقاومة التي التزمت باتفاق تشرين والقرار 1701.
ربحت المقاومة "الهدنة" رغم الخسائر المادية والبشرية؛ من تفجير للبيوت وقتل للمدنيين، والتي سيكمل العدو نهجه المتوحش حتى آخر دقيقة، ومع ذلك ستبقى المقاومة صابرة ملتزمة بوقف النار، رغم كل الخروقات والاستفزازات، ليس لضعفها، بل لحكمتها ولربح المستقبل.
كيف ربحت المقاومة وأهلها معركة الرأي العام ومعركه تشريع المقاومة محلياً ودولياً؟
- أظهرت المقاومة وأهلها الاستعداد للالتزام ،بالقرارات الدولية واتفاق وقف النار، بشكل كامل ودون خرق واحد بينما، لم يلتزم العدو طوال ستين يوماً، وأعلنت المقاومة استعدادها لعدم استخدام السلاح الذي تملكه، إذا استطاعت القرارات الدولية او وجود البديل لحماية لبنان.
- أكّدت المقاومة استرجاعها لمنظومة القيادة والسيطرة والهيكلية التنظيمية العسكرية خصوصاً، والانضباط العاقل والشجاع لعناصرها، بمواجهة الاستفزازات "الإسرائيلية"، وربحوا معركة الانضباط وتنفيذ أوامر القيادة، ولم تستطع "اسرائيل" استدراجهم لإطلاق النار، وهم يبعدون عنها عشرات الامتار، ولهم القدرة على إبادة بعض القوى المؤللة التي دخلت الى مناطق لم يستطع الاحتلال الوصول اليها في الحرب .
- أظهرت المقاومة، بالدليل والبرهان، وساعدها الاحتلال - بدون قصد - على صدقيّة قولها، بأن المقاومة حاجة وضرورة لحماية لبنان، والجنوب خصوصاً، فقد استطاع العدو الوصول الى "وادي الحجير" خلال ساعة، وبقوة لا تتجاوز العشرين جندياً، بينما لم يستطع في العام 2006 طوال 33 يوما الوصول اليه، ولم يستطع في العام 2024 بعد 60 يوما من القتال الأسطوري ان يصل اليه أيضاً، مما يثبت ان المقاومة قادرة على ردعه وقتاله ومنعه من الاجتياح البري المريح والسهل والسريع، كما حدث في اجتياح عام 1982.
- أكدت المقاومة بالدليل أن هذا العدو لا يلتزم بالقرارات الدولية والاتفاقات والتعهدات، فالقرار 425 الذي أصدره مجلس الأمن عام 1978 لم تنفذه "اسرائيل"، بل اجتاحت لبنان عام 82 ووصلت الى بيروت، ولم يجبرها على الانسحاب من لبنان عام 2000 إلا المقاومة بتنظيماتها المتنوعة والمتعدّدة، واي طرح لنزع سلاح المقاومة دون تأمين البديل الرادع والقوي، فسيكون الجنوب عرضة لاجتياحات جديدة، ولابد من التفتيش عن بديل غير القرارات الدولية.
يمكن ان لا يلتزم العدو "الاسرائيلي" بالانسحاب الكامل بعد ثمانية أيام، وان يبقى في بعض المواقع على الحدود، فيكون قد ارتكب خطأ غبياً لصالح المقاومة، حيث أعطاها - بدون قصد - بديلاً عن مزارع شبعا، التي شكّك البعض بلبنانيّتها (دون مبرّر) وأعلنها ارضاً سورية، لسلب المقاومة أحد أوراق شرعيّتها، وعلى الدولة والراعي الأميركي والقوات الدولية تحمّل مسؤولياتهم للضغط عليه، وبما ان "اتفاق تشرين" ينص على حق الدفاع عن النفس للطرفين لبنان و"إسرائيل"، واذا عجزت الدولة والقوات الدولية عن طرد الاحتلال، ويمكن للمقاومة استعمال هذا الحق بالتنسيق مع الجيش اللبناني والدولة اللبنانية في الوقت المناسب، وبالطريقة التي تراها، وليست مضطرة تحت ضغط المطالبات الشعبية أن تبادر للعمل العسكري في اليوم التالي لانتهاء الهدنة.
"اتفاق تشرين" يؤكد شرعية المقاومة، باعتراف العدو "الاسرائيلي"، وسواء تضمّن البيان الوزاري للحكومة القادمة شرعية المقاومة او المعادلة الثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" أو لم يرد ذكره، نتيجة لضغوط داخلية او خارجية، فهذا لا يسلب المقاومة شرعيّتها، لأنها حق إنساني بالدفاع عن النفس، ولا يحتاج الى قرار رسمي او دولي.
لقد ربحت المقاومة هدنة "الستين يوماً" رغم الخسائر، لأنها اظهرت للرأي العام ان الدبلوماسية غير المسلّحة والقرارات الدولية لم تستطع حماية لبنان سابقاً ولا حاضراً ولا مستقبلاً، وتجربة القرارات الدولية في فلسطين وسوريا ومصر أثبتت ان القوة هي السبيل الوحيد لإجبار العدو للتنازل والانسحاب، وان الدبلوماسية "مسكّن سياسي" لتسهيل احتلال العدو للأرض ونهب الثروات.
المقاومة تربح الهدنة... رغم الخسائر _ د. نسيب حطيط
السبت 18 كانون الثاني , 2025 01:58 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة