"المارينز" السياسي... وحصار المقاومة ــــ د. نسيب حطيط

الخميس 09 كانون الثاني , 2025 12:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

يكفي المقاومة وأهلها فخراً وعزّاً مع أنه ممزوج بالدم والدموع والشهداء، أن يحتشد العالم ضدها وتقاتل وحيدة 50,000 جندي "إسرائيلي"، وعلى كل الجبهات؛ الاجتماعية والسياسية، ولا زالت صامدة، رغم خسائرها، وآخر الاجتياحات التي يتعرض لها لبنان المقاوم، الاجتياح السياسي الذي تقوده أميركا ويشاركها سفراء "الردع العربي والغربي"، لاعتقادهم أن الفرصة مؤاتية لإسقاط لبنان؛ بعد حرب "الستين يوماً " وسقوط سوريا.


بعد اجتياح عام 1982 انهزمت المقاومة الفلسطينية ولم تقاتل، لأنها كانت موعودة بأن الاجتياح "الإسرائيلي" سيتوقف عند الزهراني، ولأنها لم تبن هيكلياتها ولم تقاوم بشكل مخلص وصادق، وخلال أيام سقطت بيروت عسكرياً وسياسياً، وتم نفي المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وتشتيتها الى الخارج، ووصلت القوات المتعدّدة الجنسيات، ونصّبت مع الاحتلال قائدَ القوات اللبنانية الحليفة "لإسرائيل" رئيساً للجمهورية.


  في اجتياح عام في عام 2024 خاضت المقاومة حرب "الستين يوماً"، وقدّمت آلاف الشهداء ولم يستطع العدو الوصول الى "الليطاني" وفرضت على العدو القبول بوقف النار، رغم الخسائر التي تعرّضت لها مع أهلها، فاستكمل التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" - العربي اجتياحه السياسي للبنان، مستغلاّ السقوط السوري المدوّي الذي أصاب المقاومة في مقتل، بالإضافة الى حشد طحالبه وأدواته وحلفائه في لبنان، لإطباق الحصار على لبنان وتشكيل نظام سياسي للحكم، يتبع الإدارة الأميركية - العربية، لاستكمال مخطط القضاء على المقاومة ونزع سلاحها.


لا شك أن المقاومة أُصيبت إصابات قاتلة، وأثخنها العدو بالجراح، وتعرّض أهلها للقتل والتدمير بشكل لم يتعرّضوا له منذ عام 1948، ولا حتى في الحرب الأهلية على مستوى الشهداء والجرحى وتدمير للبيوت والتهجير، بالإضافة إلى الحالة النفسية التي يعيشونها؛ كأيتام سياسياً ومقاتلين مُستفرَدين في الميدان، وهم بين الحزن على شهدائهم والعتاب على أصدقائهم، والاستغراب لمواقف الحقد من خصومهم، ومع ذلك لم ينهزموا ولن يستسلموا، وسيكونون في الميدان العسكري والسياسي والاجتماعي، رغم الصعوبات التي تحاصرهم وتمنع عنهم أموال الإعمار والدواء والغذاء.


التحية لمقاومة لبنانية، عمادها "الثنائية" وبعض القوى والشخصيات الوطنية، يحتشد ضدها الجيش "الإسرائيلي" وأميركا والعرب والغرب وبعض اللبنانيين، وعلى قدر عزمها وقوتها، تحتشد الجيوش والسفارات ولا زالت صامدة، ومعركتها الآن حفظ نفسها وأهلها، ومعركة  الصمود، و"تقليل الخسائر" وليس جمع المكاسب والانتصارات، لعدم توازن القوى بينها والحشد العالمي، وعلينا ألا ننظر ما هي الأرباح التي تجنيها الآن، بل ما هي الخسائر التي منعت وقوعها، وما هي المخططات التي عرقلت تنفيذها او استطاعت إحباطها، ويكفيها فخراً انها منعت سقوط الجنوب وبيروت بعد 60 يوماً من القتال.
في اجتياح 82 تم تنصيب قائد القوات اللبنانية المتحالفة مع "اسرائيل" رئيسا للجمهورية، وتم نفي المقاومة الفلسطينية، وكانت سوريا لازالت موجودة في لبنان، بينما في اجتياح عام 2024 سيتم انتخاب قائد الجيش؛ الحليف للمقاومة (والذي داس جنوده يوم أمس العلم الإسرائيلي في الجنوب) رئيساً للجمهورية (إذا تم انتخابه اليوم)، ومنعت قائد القوات التي تخاصم المقاومة من الترشيح، مع ان سوريا سقطت ولم تعد موجودة في لبنان.


الحرب لم تنته بعد، وسوريا لم تسقط بعد، ومن الاستعجال شطب سوريا من معادلة دعم المقاومة، فربما يؤدي تقاطع المصالح بين بعض العرب والمقاومة وبعض الأطياف السورية المتضرّرة، للتحالف في سوريا، ويمكن الا يبقى من استلم السلطة حاكماً في سوريا لسنة قادمة.
نداؤنا لأهل المقاومة الكرام: لا تحزنوا ولا تشعروا بالإحباط او اليأس، فأنتم لم تنهزموا ولن تنهزموا، مع كل الخسائر التي اصابتكم، وأنتم أهل التضحية والفداء، وعلينا ان نعترف أننا محاصرون، وصحيحٌ أننا الآن لسنا كما كنا، لكن هذا الأمر لن يطول وصرختنا بوجه أعداء المقاومة وخصومها والشامتين: لا تفرحوا بانتصاراتكم وأرباحكم، فوضع المقاومة أفضل بكثير من وضعها عام 82، ومع ذلك قاتلت 18 عاماً ولم تستسلم، وحرّرت ارضها.. وستقاتل المقاومة مع أهلها وحلفائها، بحكمة وعقلانية وشجاعة، بدون انفعال او يأسٍ او مغامرة غير محسوبين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل