أقلام الثبات
لا ريب أن الرسائل التي وجهها رأس الكنيسة الأرثوذكسية في المشرق؛ البطريرك يوحنا العاشر يازجي، في عظته التي ألقاها في عيد رأس السنة الميلادية، على منبر مقر البطريركي في دمشق، تحمل في طياتها خوفًا على المصير، إثر سقوط الدولة السورية، لذا أكد على الدور المسيحي في المرحلة المقبلة، وقالها صراحةً بما معناه: "مدد يدنا للحكم الجديد، وننتظر أن نعامل بسياسة اليد المدودة"، لكن المبادرة حتى الساعة لا تزال من جهةٍ واحدةٍ، أي لم يمد هذا "الحكم" يده إلى اليد الممدودة المذكورة آنفًا، للتعاضد والتعاون والشراكة في مشروع بناء سورية الجديدة والنهوض بها.
وما يؤكد أهمية دور الكنيسة في رسم مستقبل سورية، هو قيام الموفدين الخارجيين بزيارة المقر البطريركي الأرثوذكسي في العاصمة السورية، قبل زيارة أحمد الشرع نفسه، لذا يعوّل على رأس الكنيسة بدورٍ بنّاءٍ وفعّالٍ في المرحلة المقبلة. كذلك تؤشر هذه الزيارات إلى أن لدى دول هؤلاء الموفدين أو بعضهم على الأقل، الهواجس عينها، التي ألمح إليها البطريرك يازجي.
ووسط قلقٍ دوليٍ من الماضي، تسعى إدارة سورية الجديدة لشرعيةٍ خارجيةٍ، حيث تواصل الاخيرة بقيادة أحمد الشرع مساعيها لإقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية والغربية، لاكتساب اعترافٍ دوليٍ. وكانت شهدت العاصمة السورية دمشق زيارات العديد من الوفود العربية والدولية في محاولة لاستكشاف رؤية الإدارة الجديدة للملفات ذات الأولوية، ومن أهمها التأكد من عدم تحوّل العملية السياسية الانتقالية في سورية إلى تمهيد لحكم ذي طابع أيديولوجي متطرفٍ مبني على قوة السلاح.
وبينما تسعى الإدارة الجديدة للتبرؤ من الماضي "الجهادي" المتطرف، تُبرز هجمات العناصر المسلحة على رموز دينية صعوبة التخلص من هذا الإرث.
وقد أشعلت هذه الانتهاكات مظاهراتٍ واسعةٍ في مدن مثل طرطوس واللاذقية، حيث طالب المحتجون بالعدالة ووقف الاعتداءات.
في المقابل، تزايدت مخاوف المسيحيين في سورية على أوضاعهم الأمنية والاجتماعية في ظل استمرار التوترات الطائفية على الرغم من "الخطاب المنفتح" الذي يلقيه الشرع.
في خضم ذلك، أتت تصريحات الأخير في شأن المرحلة الانتقالية لتثير التساؤلات حول طبيعة العملية السياسية الجديدة، حيث قال في مقابلة صحافية "إن تنظيم الانتخابات قد يستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، وهي مدة تماثل فترة رئاسية كاملة، الأمر الذي يشير إلى عملية انتقاليةٍ طويلةٍ تحت إشرافه وخارج إطار الدستور الذي ستستغرق عملية كتابته ثلاث سنوات، وفق تقديراته، وهو ما يدفع للتساؤل عن شكل الدولة خلال الفترة الانتقالية بالنظر إلى "الفكر الإسلامي المسلح" الذي يحكمها.
"الحكم الجديد" في سورية... وصعوبة التخلص من إرث الماضي _ حسان الحسن
الثلاثاء 07 كانون الثاني , 2025 02:39 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة