أقلام الثبات
يبدو أن الحرب على المقاومة التي بدأت في أيلول 2024 بمجزرة "البايجر" وأعقبها اغتيال "السيد الشهيد"، ثم حرب "الستين" يوماً، والتي استطاعت المقاومة ان تصمد فيها وتُفشل الاجتياح البري والجوي "الإسرائيلي"، وقدمت 25,000 شهيد وجريح، مستمرة بالضربة الاستراتيجية القاسمة بعد سقوط سوريا بيد "جبهة تحرير الشام " (النصرة سابقاً)، والتحالف الأميركي - "الإسرائيلي" - التركي، فبدل ان تكون سوريا ساحة إمداد ودعم تحوّلت الى ساحة حصار ومواجهة، مع توظيف امتداداتها اللبنانية التي تسابقت لإعلان البيعة والولاء لزعيمها "ابو محمد الجولاني"، وتقديم الخدمات والتطوّع لإرشاده في كيفية حصار المقاومة سياسياً وعسكرياً ومذهبياً، وصولاً إلى الاستعداد للشراكة معه "كرفيق"، حيث وزّعت أميركا ،المهام وفق التالي:
- تكليف القوى السياسية اللبنانية من 14 اذار و"المجموعات الإسلامية" المتعدّدة - خارج تيار المستقبل ودار الفتوى - بالمهمة الإعلامية، وتحريك الشارع، والمطالبة بنزع سلاح المقاومة وإطلاق الموقوفين "الإسلاميين"، وصولاً للمطالبة بمحاكمة المقاومين الذين قاتلوا في سوريا لمواجهة الجماعات التكفيرية.
- تكليف "جبهة تحرير الشام" بصفتها السلطة الحاكمة الآن، بتأمين الدعم العسكري والمالي (للمجموعات والمشايخ)، والضغط السياسي على القوى السياسية اللبنانية وعلى الحكومة وعلى الوزراء والمسؤولين الأمنيين بشكل إفرادي، بسبب الحالة الهشّة التي تعيشها الحكومة اللبنانية، لكونها حكومة "تصريف اعمال" بغياب رئيس للجمهورية ومقاطعة القوى المسيحية.
المرحلة الثانية من الحرب على المقاومة من الشمال والشرق والداخل تتكامل وتتقاطع مصالحها مع الحرب "الإسرائيلية" على المقاومة التي لم تنته بعد، ولا يزال العدو يملك 30 يوماً للانسحاب الكامل، مع تهديده بتمديد هذه المهلة، نتيجة الأوضاع المستجدة في سوريا، والتي انقلبت لصالحه، مقابل خسائر المقاومة.
المؤشرات الاولى لهذه الحرب تبعث على القلق وتدق ناقوس الخطر، خصوصاً ضد المقاومة وأهلها والوطنيين اللبنانيين والمسلمين السنّة والمسيحيين المعارضين للفكر التكفيري، وبدأت أولى مؤشرات الحصار للمقاومة، ومن خارج السياق إعلان عدم "لبنانيّة" مزارع شبعا واعلانها "ارضاً سوريّة"، دون تقديم اي وثيقة، وبالنيابة عن الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، وكأن تصريحاً صحفياً لشخصية سياسية يكفي لتغيير هوية المزارع او تثبيتها، وذلك لسلب المقاومة احدى أوراق ورقة القوة، وكانت هذه أول طلقة بوجه المقاومة في مخزن بندقية "جبهة تحرير الشام"، ثم جاءت عمليات تسليم اللاجئين والفارّين السوريين، سواء كانوا عسكريين او مدنيين؛ في مخالفة للقوانين الدولية والإنسانية والأخلاقية، وبشكل يتناقض مع ما تعاملت معه الحكومة اللبنانية مع معارضي النظام السابق، حيث استقبلت الحكومة التي تسيطر عليها قوى المقاومة وحلفاؤها مليوني نازح من المعارضين النظام، وفيهم الآلاف من النصرة وداعش ولم تعتقلهم وتسلمهم للنظام.
تقود أميركا الحرب ضد المقاومة على الجبهتين "الإسرائيلية" والسورية والداخل اللبناني، قبل الإمساك بالسلطة وفرض رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة والوزراء، ثم تعديل قانون الانتخابات القادمة، لكسر احتكار الثنائية للتمثيل النيابي والحكومي والإداري، ويبدو أن أميركا، وبعد نجاحها في سوريا والعراق، ستبادر إلى إشعال الشارع ضد المقاومة وتحويل لبنان في المرحلة القادمة الى "ولاية تابعة لجبهه تحرير الشام"، مع التذكير ان "الشام" تعني (سوريا ولبنان وفلسطين والعراق مما يعني ان لبنان ضمن مهام الجولاني)، وذلك باختيار وتطوّع بعض القوى السياسية المسيحية والدرزية والسنيّة، خوفا او طمعاً او انتقاماً!
هل بدأت الحرب على المقاومة من الشرق والداخل؟ _ د. نسيب حطيط
الأحد 29 كانون الأول , 2024 07:51 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة