اليمن الذي صار أمّة ــــ د. نسيب حطيط

الجمعة 27 كانون الأول , 2024 02:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يتقدّم اليمن الشجّاع صفوف الأمه العربية والإسلامية وحيداً، لإسناد فلسطين، بعد المقاومة اللبنانية التي قاتلت كربلائياً حتى الاستشهاد ولم تستسلم، وبعد المقاومة العراقية التي قيّدها الاحتلال الأمريكي.


ليس في اليمن الكثير من الجنرالات الذين يكثرون التصريحات والتهديدات، ففي اليمن قائد يقرّر وجنرال واحد "يُسرع" بإعلان البيانات، وملايين تتظاهر كل جمعة لنصرة غزة في وجه الظالمين من الغزاة، ولا يذيع اليمنيون ماذا سيفعلون، بل يعلنون ما فعلوا، ولا فاصل زمنياً بين التهديد والتنفيذ إلا شمساً ونهاراً او قمر ليل واحد.
إنهم اليمنيون الشجعان الذين يعطون المثل الملموس بأن القلّة المؤمنة تستطيع الصمود والقتال وإيلام العدو، كما يؤلمها، واستطاع اليمنيون الشجعان الذين يعيشون تحت الحرب العالمية ضدهم والحصار منذ 10 سنوات ولم يبق عندهم بنيان او منشأه او مطار ومع ذلك يبادرون لنصره غزة، التي لم يستنكر أهلها "سلطة ومقاومة" العدوان على اليمن، ولا شكروا اليمن إلا بخجل وهمس، وقد حقق اليمنيون ما عجزت عنه الأمة في تاريخ صراعها مع "إسرائيل" وفق ما يلي:


- إغلاق "باب المندب" والبحر الاحمر على السفن التي تتجه نحو العدو "الاسرائيلي"، لحصاره، واجباره على فك الحصار عن غزة، وباب المندب يتحكم في تجارة النفط العالمي، وأكبر شريان تجاري للعالم، أقفله اليمنيون منذ عده أشهر، بينما بقي مضيق "هرمز والبوسفور" مفتوحان ولم يقفلا.
- إغلاق ميناء إيلات "الإسرائيلي" منذ أشهر، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي - "الإسرائيلي".
- قصف "تل أبيب" بشكل يومي ومؤثر وفعّال من مسافة 2000 كلم، بينما الدول العربية والإسلامية القريبة والمجاورة لفلسطين صامتة، وتمد العدو "الاسرائيلي" بالنفط والغاز والطعام وما يحتاج إليه.
- تجرّأ اليمنيون، ولأول مرة، على ان يُسقطوا طائرة أميركية ويقصفوا مدمّرة أمريكية، ولم يُسجّل في تاريخ العرب ذلك.
- أحرج اليمنيون وكشفوا عورات العرب والمسلمين، أنظمة وشعوباً وأحزاباً ورجال دين، والذين يملكون السلاح لقلب الأنظمة وقتل المذاهب الأخرى، ويملكون المال والعديد البشري الذي يتجاوز المليار، لكنهم تركوا "سُنّة فلسطين" للقتل والاغتصاب والتدمير "الاسرائيلي"، ولم يغلقوا سفاراتهم بل ولم يعلنوا ان "إسرائيل" هي العدو بل قالوا ان إيران هي العدو!
يُقاتل اليمن الشجاع وحيداً، بعدما قاتلت المقاومة في لبنان 14 شهراً وتصدّت لحرب متوحشة، فقتل قائدها "السيد الشهيد" واغلب قياداتها، وقدّمت مع اهلها 25,000 شهيد وجريح و400,000 وحده سكنية ومليون نازح ولم يساندها أحد، والآن يقف اليمن المقاتل وحيداً وهو يرى تساقط وتحييد وتقييد ساحات محور المقاومة الواحدة بعد الأخرى.
نحن المقاومون الصادقون الذين قاتلنا مع إيران، والخائفون عليها أن تسقط كما سقطت الساحات الاخرى، وفي مقدمتها سوريا التي قصمت ظهر المحور.
لازالت إيران تمتلك القوة التي تستطيع حماية الثورة وحماية ما تبقى من محور المقاومة، إن استعملت صواريخها في الوقت المناسب دون تأخير او انتظار وعود التحالف الأميركي - "الإسرائيلي"، حتى لا تخسر موقع القوة وتذهب  للتفاوض الضعيف ونخسر حلمنا بالدولة التي عشنا معها 40 عاماً، ونحن نرى بعض المؤشرات الإيرانية المقلقة؛ سواء بالتردد بدخول الحرب او الرد على الاعتداءات "الإسرائيلية" بالشكل المناسب والقوي.


بادروا للمواجهة قبل فوات الأوان، لم يعد هناك ساحات تستطيع ان تؤازركم او تقوم بالدفاع نيابة عنكم، فبعض الساحات تكاد لا تستطيع الدفاع عن نفسها لمواجهة هذا الهجوم الأميركي العالمي الشامل الذي يريد تغيير معالم الشرق الأوسط واستبدال الإسلام والمسيحية "بالديانة الإبراهيمية".
بادروا للشراكة بالقتال مع اليمن لحماية الثورة قبل فوات الأوان، فلا يزال الأمر ممكناً، ولا زلنا نحتفظ ببعض القوة التي نستطيع على الأقل ان نفاوض بها بشرف وتقليل الخسارة.
بعد لبنان واليمن لا عذر لأحد بعدم المواجهة، وكلفة الحرب الآن اقل من كلفة التفاوض الضعيف او الاستسلام.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل