كرامة المرأة في بيتها...

السبت 14 كانون الأول , 2024 01:01 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات- إسلاميات

عن عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللهﷺ يقول: ((لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حقَّ ربها حتى تؤدِّي حقَّ زوجها كلَّه، حتَّى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه)).

لا بد لنا بداية أن نعرف وانطلع على سبب ورود هذا الحديث ليتضح لنا أكثر معنى السجود فيه، وأن المقصود هو بيان عِظم الحقوق الزوجية، لا أن المرأة عبدة للزوج، وأن السجود لا يجوز إلا لله تعالى، ولا يجوز لأحد غيره سبحانه ولوحتى لرسول اللهﷺ الذي هو سبب الخير والفضل العظيم الذي لا ينقطع عن الإمة الإسلامية كلها

لمَّا قدِم سيدنا معاذ بن جبل من الشام سجدَ للنبيﷺ قال: ((ما هذا يا مُعاذ؟!)) قال أتيتُ الشَّامَ فوافقتُهُم يسجُدونَ لأساقفتِهِم وبطارقتِهِم فوَدِدْتُ في نفسي أن نفعلَ ذلِكَ بِكَ فقال رسولُ اللَّهِﷺ: ((فلا تفعلوا فإنِّي لو كُنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لغير اللَّه لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجِها والذي نفس محمدٍ بيدِهِ لا تؤدِّي المرأة حقَّ ربِّها حتَّى تؤدِّيَ حقَّ زوجِها ولو سألَها نفسَها وهي علَى قتَبٍ لم تمنعْهُ))  

حث ديننا العظيمُ الرجالَ على إكرام المرأة واحترامها قال تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} وقال تعالى:{وعاشروهن بالمعروف}

 ففي هذا الحديث النبوي الشريف بيان أن طاعة المرأة لزوجها وأداءها حقه كاملًا من طاعة الله سبحانه، ولا تصير طائعةً كاملةً لله حتى تؤدي حق بيتها وزوجها عن حب مع التودد إليه لترضيه عنها، فيرضى بذلك عنها ربنا تبارك وتعالى، لأن خدمة البيت بحب ووفاء من أعظم القربات لله تعالى بعد أداء الفرائض، ومُقدَّم على جميع النوافل، فالمرأة في بيت زوجها توقف نفسها على نوع خاصٍّ من العبادة لا يماثله ثواب النوافل كلها ألا وهو طاعة الزوج وخدمته والتودد إليه، وتربية أأولاد صالحين فيهم الخير لمجتمعهم وأمَّتِهم

وكم من مشكلة حصلت بين الزوجين بسبب انشغال أحد الأزواج عن الآخر بالنوافل وغيرها  بالوقت الذي ينبغي على الزوجين أن يكونا مع بعضهما، فالإنسان المسلم العاقل هو الذي يعطي لكل وقت حقه، وعلى الزوج هنا أن يترك فسحة من الوقت لزوجته لعبادتها ودراستها وغيرها من الأمور

والإسلام ضمن حقوق المرأة من خلال الميراث والمهر وغيرهما، وحفظ كرامة المرأة من أن تهان أومن أن تكون سلعة مبتذلة في الأسواق كما يريدها أصحاب الشهوات الخبيثة، فالمرأة دورها ومهمتها عظيمة وكبيرة في بيتِها، وبيتُها أحق برعايته من غيره من الأماكن، فلو خرجت المرأة إلى العمل بالسوق كما يزين لها البعض وأن ذلك فيه ضمان لمستقبلها، وأن بذلك تتكون شخصيتها، وأن من حقها أن تخرج من بيتها متى أرادت، وأن لها العمل في أي مكان تختاره ولها الحرية المطلقة في ذلك دون قيود أو شروط!! فهل ذلك يحفظ كرامتها؟

فكم سمعنا وشاهدنا من تعرض بعض البنات والنساء لاعتداءات من قبل أصحاب العمل، أو مِن ما يسمى بزميل العمل برضاها أو بغير رضاها،

وكم سمعنا عن علاقة زوجية متينة أصبحت هشة بسبب رئيسي وهو عمل المرأة في بعض الأسواق والأماكن التي لا تصلح لها

وأي صورة فيها كرامة أكثر للمرأة؟؟؟ هل بتقديم الطعام أو القهوة لزوجها أم لزميلها في العمل أو صاحب عملها وضيفه؟

 ولا أنكر حق المرأة في العمل ولكن بضوابط وقيود وأماكن تتناسب مع الشرع الحنيف الذي حفظ كرامتها وعزها، وصانها من الوحوش البشرية الشاردة، وكذلك عبر أشخاص ورجال أصحاب دين قوي بوجود محرم لها

وفيه حق للزوجين بالاستمتاع ببعضهما، لينتشر العفاف في المجتمع، فالزوج يُعِفُّ زوجته والزوجة تعف زوجها، وأن يجتهد كل واحد منهما بفعل ما يحبه الثاني، حتى لو كانت المرأة على قتب- وهو ما يوضع على ظهر الراحلة أو الجمل- أي: راكبة: عليه وسألها زوجها نفسها عليها أن تمتثل له ولا تمنعه حقه ولا تعتذر إليه، وإلا تكون آثمةً عند الله سبحانه وتعالى لأنه عندئذٍ تدفع بالزوج إلى ما لايحمد عقباه، وكذلك الزوج

ففي هذا الحديث الشريف والهدي النبوي إرشاد للزوجين لإقامة بيت إسلامي أصيل أساسه الحب والتفاهم والرحمة ليكون حصنًا منيعًا أمام سيول الانهيار الأخلاقي والتربوي الذي أصبح شائعًا ومشاهدًا في مجتمعاتنا وكأنه هو الأصيل وليس الدخيل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل