أقلام الثبات
تشن اميركا حربها ضد حركات المقاومة واهلها على عدة محاور؛ عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية واعلامية، وتعتمد الإعلام سلاحاً، تمهيداً وإسناداً للحرب العسكرية، وفتح الطرق امام الفرق العسكرية من خلال اشعال الفتن الداخلية والتشكيك وزعزعة الثقة بين اهل المقاومة.
تستفيد اميركا من تفوّقها الإعلامي والتمويل اللازم لوسائل الإعلام، خصوصاً المرئية، ومن الشاشات العربية واللبنانية والأجنبية والتقنيات المتطورة، فهي تمسك بالأقمار الصناعية ووسائل التحكم بوسائل التواصل الاجتماعي، وتستطيع ان تمنع كتابة كلمة او اسم وتحذف صورة او منشوراً، وتتحكم بما نكتب وننشر.
بدأت اميركا حربها الإعلامية بشكل مكثف عبر فضائيات تموّلها دول عربية وتبث في لبنان والعراق، للتحضير للفتنة الداخلية، والضغط على المقاومة في جبهتها الداخلية ولإشغال العراق في ساحته الداخلية ومنعه من التدخل لإسناد غزة ولبنان وينشغل بالدفاع عن نفسه وإغراقه في الحرب الأهلية داخل العراق، تكراراً لغزوة "داعش"، مدعومة بأطراف عراقية جديدة، بعدما سارع العراق بمرجعيته الدينية وحكومته وشعبه لإسناد المقاومة في لبنان.
بالتلازم مع التفوق الاعلامي الاميركي والغربي، يظهر التقصير والقصور والفشل في الاعلام المقاوم مع كثرة القنوات ووسائله الإعلامية، لكنه إعلام جامد يكرّر نفسه ومقيّد، ويعاني من الحصار الاميركي والغربي، والفشل في إدارة المعركة، فيصرف الاموال ويسمع نفسه، بينما يفرّ جمهوره لمشاهده الأقنية المعادية التي تلقّح افكاره يومياً وتصنع رأيه العام ولا يستطيع مقاومتها، لغياب الاعلام المقاوم.
ان مهمة هذه القنوات المعادية الإعلامية، بتكليف اميركي، تهدف الى ما يلي:
- شيطنة حركات المقاومة، وتحميلها مسؤولية ما تتعرض له الشعوب من حصار وفقر وقتل وعدم استقرار وحروب، وتبرئة اميركا و"إسرائيل".
- تعميم مصطلح الارهاب والارهابيين على المقاومين، واعتبارهم خارجين عن القانون لتبرير اغتيالهم.
- بث الاشاعات وفبركة الاخبار التي تزعزع ثقة المقاومين التي تشكّك بقدرات المقاومين وتظهر عجزهم عن مقاومة العدو "الاسرائيلي" والمشروع الاميركي، وأن الرهان على المقاومة رهان خاسر وعلى الناس ان تلجأ الى اميركا والسلام مع "اسرائيل" حتى تحفظ مصالحها.
- فبركة الاخبار عن الخيانات والعمالة على مستوى القادة في محور المقاومة او في صفوف المقاومين، لإظهار قدره اميركا و"اسرائيل" على الاختراق ولتوهين المقاومين وعقيدتهم واظهارهم ضعفاء امام جمهورهم.
- نبش الأحداث القديمة والتي تثير الاحقاد وتشعل الفتن المذهبية والطائفية والسياسية واستحضارها في غير مناسبتها، للتحريض الناس على بعضها واشغال المقاومة واهلها لزيادة الضغط عليها.
- تضخيم قدرات العدو ونشر جرائمه وتوحشه، بتدمير البيوت او المجازر، لترهيب الناس ودفعها للخوف والاستسلام، ومطالبة المقاومين بوقف إطلاق النار.
- التقليل من خسائر العدو، لإثبات عجز المقاومة عن الحاق الخسائر ولمساعدة العدو في جبهته الداخلية حتى لا يظهر ضعيفا.
ولأننا لا نستطيع السيطرة على الاعلام المعادي ولا نستطيع ان نقيم التوازن في التأثير والانتشار ،فلابد ان نعمل على تحسين اعلامنا وادائنا والعمل لإستراتيجية اعلامية تحفظ إنجازات المقاومين ودمائهم في الميدان وتحصّن الجبهة الداخلية وتخوض معارك ضد الاعلام المعادي، لتوضيح اكاذيبه ودحض اشاعاته والخروج من دائرة الجمود التي يعاني منها الاعلام المقاوم الذي يكرّر نفسه منذ اكثر من 30 عاما بطريقة بدائية غير محترفة تتغيّر وسائلها وكيفيتها وفق المرحلة، لأن اعلامنا يحصر خطابه في البيئة التي تؤيده ولم يستطع مخاطبة الشرائح الاجتماعية المحايدة او المناهضة لمشروع المقاومة ،سواء لجهة الخطاب او الضيوف او المادة الإعلامية، خصوصاً ان المشرفين عليه يميلون للتعامل مع إعلاميي المديح والسطحيين ويخافون من النقد الإيجابي ولا يدعمون وسائل الاعلام الصديقة او المواقع الإعلامية المؤيدة، والتي تشكل نافذة آمنة للمقاومة، وتوصل رأيها لجمهور أوسع ومتنوّع!
يشكل الإعلام جبهة اساسية في الحرب ويمكن أن يقلب موازين الميدان ويحوّل الهزيمة الى نصر وبالعكس..
لنبادر لصياغة إستراتيجية اعلامية مقاومة والاستعانة ،بأصحاب الكفاءة والملتزمين بالقضية قناعة وليس ارتزاقاً او وجاهة او جسر عبور لمصالحه.
فلنحفظ تضحيات الميدان وانتصاراته ونواجه الاعلام المضاد باحترافية وفكر ومعلومات وحقائق دون مغالاة او تضليل، حتى لا نقع في تجربة المذيع احمد سعيد وصوت العرب في هزيمة عام 67، وتجربة الوزيرالصحاف في العراق اثناء الغزو الأميركي للعراق 2003.
سَيُهزمون.. وننتصر بإذن الله تعالى.