الثبات- إسلاميات
تمر على بلادنا أيام صعبة، تكثر فيها حاجة الناس إلى مقومات الحياة، كـ بيت يسترون فيه أنفسهم وأولادهم، وطعام وشراب وغيرهم من الحاجات، فهي أيام هجرة وحرب، وهناك بعض التجار الذين فقدوا إنسانيتهم قبل دينهم وقاموا باحتكار المواد الغذائية الأساسية ليرفعوا أسعارها، وإغلاق البيوت أمام الفقراء، وإعطائها بأثمان باهظة للأغنياء، عند شدة الحاجة إليها، مستغلين حاجة الناس.
والمتأمل في شرعنا الحنيف يجده قد وضع قوانينا وأحكاما للبيوع، تصب بمصلحة المتابيعين، وعدم استغلال أحدهم الآخر، ونهى عن بعض الممارسات التي قد تضرُّ بمصالح المتبايعين؛ ومن تلك الممارسات "الاحتكار" الذي هو حبس كلِّ ما يضرُّ العامة حبسه؛ وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِل بين الناس وتكثر الحاجة إليها، وقد ورد التحذير الشديد من هذا بعدة نصوص قرآنية ونبوية منها:
- قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} حيث ورد فى تفسير هذه الآية الكريمة أنها جاءت فى النهي عن الاحتكار، وقد ذكر القرطبي فيها أن الرسولﷺ، قال: ((احتكار الطعام فى الحرم إلحاد فيه))، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- ومما ورد فى النهي عن الاحتكار أيضًا ما أخرجه الإمام مسلم أن النبيﷺ، قال: ((من احتكر فهو خاطئ))، وفى رواية: ((لا يحتكر إلا خاطئ)).
وأخرج الحاكم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: ((المحتكر ملعون)).
وفي مسند الإمام أحمد وغيره أن النبي ﷺ قال: ((من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه)). فهذه مجموعة من الأحاديث النبوية التي تدل على حرمة التضييق على الناس واستغلالهم، ولذلك عدَّ أهل العلم الاحتكار من الكبائر، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله: "عَدُّ هذا - أي الاحتكار - كبيرة هو ظاهر ما في هذه الأحاديث الصحيح بعضها من الوعيد الشديد؛ كاللعنة، وبراءة الله ورسوله منه، والضرب بالجذام والإفلاس وغيرها...
فنهيب بإخواننا التجار وأصحاب العقارات مراعاة ظروف الناس والرأفة بهم، ونذكرهم بحرمة التضييق عليهم، واستغلال حاجاتهم بحبس السلع عنهم لرفع أثمانها، وكذلك رفع آجارات البيوت، وأن يتخلقوا بأخلاق الرحمة حتى تعمَّ على الجميع فيرحمنا الله تعالى جميعًا، قالﷺ: ((الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).