لماذا لم تبادر الحكومات إلى إصلاح "كابل شتورة" المقطوع من العام 2013؟ ــ حسان الحسن

الأربعاء 28 آب , 2024 12:53 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
عندما تحل الكوارث والأزمات على اختلافها في بلد معيّنٍ، أو يتعرض لعدوانٍ خارجيٍ، والتهديد بالحرب الشاملة التي قد تعيده إلى "العصر الحجري"، كما هو حال لبنان راهنًا، الذي يتعرض لعدوانٍ "إسرائيليٍ"، وتهديداتٍ مستمرةٍ بتقطيع أوصاله، وتدمير بنيته التحتية، والقطاعات الخدماتية فيه، كالكهرباء والمياه والاتصالات، خصوصاً شبكة الإنترنيت، لعزل هذا البلد عن العالم. هنا من البديهي، لا بل من الواجب، أن تذهب السلطات في هذا البلد إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع الدول الصديقة، خصوصاً الدول المجارة، لمواجهة العدوان، ومساعدة المواطنين على الصمود في وطنهم، من خلال تأمين مقومات هذا الصمود لهم، كالمواد الطبية والغذائية والمحروقات، وما إلى ذلك، أو تأمين المأوى اللائق لهم، في حال اضطروا إلى النزوح إلى بلدٍ جار تحت وطأة الظروف القاهرة، كما حدث بين لبنان وسورية عندما فتحت أبوابها أمام النازحين اللبنانيين في العام 1975 و76، ثم خلال عدوان تموز في العام 2006. كذلك عندما شنت الحرب الكونية على سورية، استقبل لبنان مئات آلاف النازحين السوريين، ولا يزال يستضيفهم على أرضه، رغم الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعانيها، وأسهم للنزوح السوري إلى لبنان في شكلٍ كبيرٍ ومباشرٍ في اندلاعها، جرّاء الأعباء المالية لوجود أكثر من مليوني نازحٍ سوريٍ في لبنان، بلغت أعباء نزوحهم على الخزينة اللبنانية عشرات مليارات الدولارات.
وعندما اجتاحت لبنان جائحة كورونا في الأعوام القليلة الفائتة، قدمت الجارة الأقرب للبنان مادة الأوكسيجين الطبية لإسعاف مصابي كورنا، بإقرار من وزارة الصحة اللبنانية وقتذاك، وشكر وزير الصحة في حينه حمد حسن الرئيسَ السوري بشار الأسد، "لتأمين الأوكسجين، لأنه سيساهم في إنقاذ لبنان من كارثة، وإنقاذ حياة الكثير من اللبنانيين بعد خلو مشافي لبنان من الأوكسجين، لذا تم التواصل مع وزارة الصحة السورية، لمساعدة لبنان، وكانت الاستجابة بالسرعة القصوى"، والكلام للوزير حسن.
وفي وقتٍ يحتاج فيه البلدين إلى تعزيز التواصل والتنسيق، تحسبًا لأي عدوانٍ صهيونيٍ شاملٍ محتملٍ على لبنان وسورية، لاتزال الحكومة اللبنانية تكابر في شأن التواصل والتنسيق مع نظيرتها السورية، حتى وإن كان الأمر متعلق بالشأن الخدمي، لا السياسي، تحديدًا قطاع الاتصالات. وهنا يذكر أن "كابل الاتصالات" بين لبنان وسورية مقطوع في منطقة شتورة منذ العام 2013، ولم تبادر الجهات المختصة، تحديدًا المديرية العامة لاستثمار وصيانة المواصلات السلكية واللاسلكية في وزارة الاتصالات اللبنانية، التي تتولى أعمال استثمار وصيانة الشبكات المحلية والداخلية والدولية العائدة للهاتف والبرق والتلكس وتبادل المعلومات، إلى إصلاح "كابل شتورة"، حتى الساعة، رغم الظروف الحربية الراهنة، التي تحتم على الحكومة اللبنانية تكثيف التنسيق مع نظيرتها السورية، لكن لا حياة لمن تنادي، ورغم مطالبة الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني - السوري بإصلاحه، كون "المجلس" هو من يضع السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين الدولتين في كافة المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها)، ويشرف على تنفيذها، غير أن "الأمانة العامة" لم تلقَ آذانًا صاغيةً حتى الساعة، رغم وجود وزيرٍ على رأس وزارة الاتصالات في الحكومة الراهنة، يفترض أن يكون حليفًا لمحور المقاومة. وهنا تؤكد مصادر متابعة لمجمل العلاقات الثنائية اللبنانية - السورية، خصوصاً مسألة صيانة "كابل شتورة"، أن "حقيقة ما يحول دون إصلاح هذا الكابل، هو الانقسام السياسي الرسمي اللبناني في شأن التواصل مع الجانب السوري، وتبعية بعض الساسة اللبناني للمحور الغربي"، على حد تعبير المصادر. علمًا أن الدول الأوروبية بدأت بالانفتاح الفعلي على دمشق، وجاءت إيطاليا في طليعة هذه الدولة، بعدما عيّنت سفيرًا لها في سورية في الأسابيع الفائتة. فماذا تنتظر الحكومة اللبنانية؟
وفي هذا السياق عينه، رجحت مطلعة على أجواء وزارة الاتصالات أن "تكون العقوبات الأميركية على سورية، هي التي تدفع الوزارة إلى عدم إصلاح الكابل المذكور، تلافيًا لاستصدار واشنطن عقوبات في حق من يتعاون من وزارة الاتصالات اللبنانية مع الجهات الحكومية السورية، التي لا تزال تخضع للعقوبات الأميركية".
 أما لجهة قطاعي الكهرباء والماء، فقد قام وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض بدوره، بزيارة دمشق رسميًا مرتين، لعقد تفاهماتٍ مع الجانب السوري، لتفعيل التنسيق المشترك، في القطاعات التابعة لوزارته. وفي المحصلة يطرح هذا السؤال: "لماذا لا يحذو لبنان حذو إيطاليا والسعودية في مسألة تفعيل العلاقات مع سورية؟! لا أبعد من ذلك.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل