المصالحة التركية السورية على وقع حرب غزة ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 05 آب , 2024 01:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد زيارة الأسد لموسكو، ولقاء وزير الخارجية الروسي نظيره التركي، حَطَّ المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في العاصمة التركية أنقرة على رأس وفد روسي لإجراء مباحثات مع الجانب التركي، وشغل الملف السوري محوراً أساسياً فيها، إذ تنشط موسكو بقوة على خط إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا.
وبالتزامن مع النشاط الروسي الحثيث في هذا الإطار، ينشط مساران آخران على خط المصالحة مع دمشق، وهما المسار العربي الذي يتلخص بمبادرات (خطوة بخطوة)، والمسار الأوروبي الذي يدعو الى إعادة النظر بالعقوبات على سوريا وإعادة العلاقات الأوروبية السورية، بعد أن شكّل ملف اللجوء عاملاً ضاغطاً على الأوروبيين.
اذاً، تتجه الأنظار اليوم الى عودة العلاقات التركية السورية بعد سنوات طويلة من القطيعة بين البلدين، بعد أن كانت تركيا رأس حرب في محاولة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، مع العلم أن الانفتاح السوري على تركيا واتفاقيات الأبواب المفتوحة قد ساهمت (بشكل أو بآخر) في توسيع مروحة الاعتراض على الحكم في سوريا، بعد أن تسبب غزو البضائع التركية وثمنها الزهيد للأسواق السورية بإقفال العديد من المصانع السورية.
ولا شكّ بدأت محاولات المصالحة بين تركيا وسوريا مع مبادرة وزير الخارجية الإيراني الراحل؛ حسين أمير عبد اللهيان، ثم توقفت لأسباب خاصة متعلقة بكل طرف، ورغبة سوريا في المصالحة العربية قبل المصالحة مع تركيا، بالإضافة الى تشعّب الأمور وصعوبة حلّ المشاكل العالقة، ومنها ملف خروج الجيش التركي من الأراضي السورية، وملف إدلب.
واليوم، ينشط الروس بقوة على هذا الخط، ويتدخل العراق مساهماً في استضافة السوريين، ومنهم "اللجنة الدستورية"، لتضييق الفجوات بين السوريين أنفسهم (المسار العراقي) وبينهم وبين الأتراك (المسار الروسي)، علماً أن الموضوع بات يتخطى الشكليات حول اللقاء، والانتقال لبحث خارطة طريق للقضايا العالقة، منها احترام السيادة السورية، ومصير المعارضة المسلحة، ومستقبل الأكراد وغيرها.. علماً أن تلك التفاهمات قد تقف عند حدود رغبة الولايات المتحدة في استكمال مسار المصالحة التركية السورية أو لا، لسيطرتها على جزء من الجغرافيا السورية، ولدعمها المكوّن الكردي الذي يتطلع الى استخدام الدعم الأميركي لتحقيق حلمه بكونتون مستقل (أو على الأقل بحكم ذاتي).
وعلى هذا الأساس، وبالرغم من تعدد المسارات للمصالحة السورية – الاقليمية، يبقى موقف الأميركيين حاسماً لما لواشنطن من قدرة على فرملة الاندفاعة الأوروبية، والضغط على الدول الخليجية والعربية، وإحراج الأتراك، ونسف أي حلول مقترحة يتم الاتفاق عليها بين السوريين والأتراك.
وعملياً، يقف الموقف الأميركي الحالي متريثاً بانتظار مصير الحرب "الاسرائيلية" في غزة، والرغبة "الاسرائيلية" في توسيع الحرب في الاقليم، لأننا نعيش اليوم عصراً تقود "اسرائيل" فيه – بصورة واضحة - السياسة الأميركية في المنطقة، فكل الخيارات الأميركية والرغبة بالتصعيد أو عدمه، مرتبط برغبات نتنياهو واليمين "الاسرائيلي"، وليس بصنّاع القرار في واشنطن.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل